السادس: عدم اشتغال ذمّته بحجّ واجب عليه في ذلك
العام [1]؛ فلا تصحّ نيابة من وجب عليه حجّة الإسلام أو النذر المضيّق مع تمكّنه
من إتيانه، و أمّا مع عدم تمكّنه لعدم المال فلا بأس، فلو حجّ عن غيره مع تمكّنه
من الحجّ لنفسه بطل على المشهور [2]، لكنّ الأقوى أنّ هذا الشرط إنّما هو لصحّة
الاستنابة و الإجارة، و إلّا فالحجّ صحيح [3] و إن لم يستحقّ الاجرة [4]، و تبرأ
ذمّة المنوب عنه على ما هو الأقوى من عدم كون الأمر بالشيء نهياً عن ضدّه، مع أنّ
ذلك على القول به و إيجابه للبطلان إنّما يتمّ مع العلم و العمد، و أمّا مع الجهل
[5] أو الغفلة فلا [6]، بل الظاهر صحّة الإجارة أيضاً على هذا التقدير، لأنّ
البطلان إنّما هو من جهة عدم القدرة الشرعيّة على العمل المستأجر عليه، حيث إنّ
المانع الشرعيّ كالمانع العقليّ، و مع الجهل أو الغفلة لا مانع، لأنّه قادر شرعاً.
مسألة 2: لا يشترط في النائب الحرّيّة، فتصحّ نيابة
المملوك بإذن مولاه و لا تصحّ استنابته بدونه، و لو حجّ بدون إذنه بطل [7].
مسألة 3: يشترط في المنوب عنه الإسلام، فلا تصحّ
النيابة عن الكافر [8]، لا لعدم انتفاعه
[1]
مكارم الشيرازي: مرّ الكلام فيه و أنّ الحجّ و الإجارة كلتاهما صحيحتان (راجع
المسألة 110 من شرائط وجوب الحجّ) [2] الامام الخميني: مرّ الكلام فيه مفصّلًا و
مرّ تقوية ما عن المشهور و مرّ عدم الفرق بين العلم و العمد و الجهل و الغفلة، و
الأقرب عدم صحّة حجّ المستطيع مع تمكّنه من حجّة الإسلام عن غيره إجارةً أو
تبرّعاً و لا عن نفسه تطوّعاً مطلقاً [3] الگلپايگاني: مشكل، كما مرّ. و مرّ
استحقاق الاجرة مع العمل بأمره على فرض الصحّة و إن كانت الإجارة باطلة [4]
الخوئي: أي الاجرة المسمّاة، و إلّا فهو يستحقّ اجرة المثل على الآمر إن لم يكن
متبرّعاً بعمله [5] الگلپايگاني: قد مرّ الإشكال في الصحّة مع الجهل و الغفلة، و
كذا في صحّة الإجارة
الخوئي: إذا لم يكن عن تقصير كما تقدّم [6] مكارم الشيرازي: هذا إذا كان
الحجّ و الغفلة عن قصور، لا تقصير؛ و دليله ظاهر [7] الگلپايگاني: إلّا إذا احرز
رضاه باطناً، بل لا يبعد الصحّة مع الغفلة عن الحرمة أو موضوعها أو الجهل بهما
كالغصب [8] الخوئي: إلّا في الناصب إذا كان أباً للنائب
مكارم الشيرازي: لعدم انتفاعه بالعمل عنه، بدليل قوله تعالى: «ما كان للنبيّ و
الّذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين» و كذلك ما دلّ على نهي النبيّ عن الاستغفار
لهم و أنّه لا يغفر اللّه لهم و إن استغفر لهم سبعين مرّة. و الإنصاف أنّه لا فرق
بين الاستغفار و الحجّ، لأنّ لحن الآيات تدلّ على عدم انتفاعهم بالأعمال القربيّة؛
و ما قد يقال من أنّه فرق بين الاستغفار و الحجّ لأنّه كأداء الدين موجب لانتفاء
موضوع العقاب و هذا غير الاستغفار، كما في سائر موارد الدين، مدفوع بأنّه فرق بين
الدين الّذي يكون أمراً توصّلياً (كدين الدرهم و الدينار) و بين ما يكون أمراً
تعبّديّاً كالحجّ، فالأوّل يمكن أداؤه عن الكافر الميّت بل يجب، و لكنّ الثاني غير
ممكن لأنّه لا يتقرّب إلى اللّه، و أمّا الخمس و الزكاة فقد مرّ في باب الزكاة أنّ
لهما جهتين: جهة تعبّديّة و جهة توصّليّة، و قد قام الدليل على أنّ الحاكم الشرعي
يأخذهما و لو بعنف مع أنّه ليس فيه قصد القربة، و أمّا قصد القربة من الحاكم فمع
أنّه غير مفيد، لا دليل عليه. هذا، و يظهر من غير واحد من روايات أبواب النيابة
جواز الحجّ عن الناصبي إذا كان أباً، مثل رواية وهب بن عبد ربّه قال: قلت لأبي عبد
اللّه عليه السلام: أ يحجّ الرجل عن الناصب؟ فقال: لا، قلت: فإن كان أبي؟ قال: «إن
كان أباك فنعم» (2/ 20 من أبواب النيابة عن الحجّ) و ما رواه إسحاق بن عمّار عن
أبي إبراهيم عليه السلام و في ذيله: قلت: و إن كان ناصباً ينفعه ذلك؟ قال: «نعم،
يخفّف عنه» (5/ 25 منها) و ما رواه عليّ بن أبي حمزة في باب قضاء الصلاة و في
ذيله: قلت: إن كان لا يرى ما أرى و هو ناصب؟ قال: «يخفّف عنه بعض ما فيه» (8/ 12،
من أبواب قضاء الصلاة من المجلّد الخامس من الوسائل) و لكن لعلّ المراد منها
الناصب الّذي لم يبلغ حدّ الكفر، بقرينة قوله: «لا يرى ما أرى» و إلّا لا يجوز
الركون إلى الروايات إذا خالف كتاب اللّه؛ و لذا حكى المحقّق في المعتبر عن
الشيخين أنّه لا ينوب عن مخالف في الاعتقاد إلّا أن يكون أباه ثمّ قال: و نحن
نقول: ليس كلّ مخالف للحقّ لا يصحّ منه العبادة، و نطالبهم بالدليل عليه ... و الأقرب
أن يقال: لا يصحّ النيابة عن الناصب و يعنى به من يظهر العداوة و الشنئان لأهل
البيت: و ينسبهم إلى ما يقدح في العدالة كالخوارج و من ماثلهم. ثمّ حكى في ذيل
كلامه إنكار بعض المتأخّرين النيابة عن الأب المخالف أيضاً مدّعياً عليه الإجماع،
و لكن المحقّق نفسه لم يقبل كلامه (المعتبر ج 2 ص 766).
أقول: لكن تخصيص الآية الشريفة مشكل جدّاً، لأنّ لسانها آبٍ عن التخصيص، كما
يشهد له قوله تعالى: «و ما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلّا عن موعدة وعدها إيّاه
فلمّا تبيّن له أنّه عدوّ للّه تبرّأ منه إنّ إبراهيم لأوّاه حليم» (التوبة 114)
فالنيابة عن الأب الناصبي أيضاً مشكل