نام کتاب : الزهراء عليها السلام سيّد نساء العالمين نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر جلد : 1 صفحه : 158
الحقيقة أن كلام سيدة النساء عليها السلام كان بمثابة تذكيرٌ لهم بأن قيم و
مفاهيم المحيط الإسلامي قد تغيرت و تبدلت بعد وفاة النبي الكريم صلى الله عليه و
آله، و بسبب انحراف المزاج السليم لأرواح هذه المجموعة من المهاجرين و الأنصار،
صار طعم القيم الإسلامية الحقيقة في أعماقهم مرّاً كالحنظل بعد أن كان لذيذاً
كالعسل، كما اعتبرت الشروط التي تشكل أهم مواصفات القائد الرباني القاطع الصارم
عيباً و نقصاً له.
بعدها تستمر في حديثها منبّهةً إياهم أن تنحية عليٍّ عليه السلام عن الخلافة
إنما هو كفران لنعمةٍ كبيرةٍ و موهبةٍ إلهيةٍ عظيمة، علماً أنه أعلمُ الناس بآيات
القرآن و بحلال اللَّه و حرامه.
فهو أعرف من غيره بالحق و الباطل و القادر على الفصل بينهما، و لو آلت إليه
زمام الأمور لم يكن ليسمح لورثه الشرك (آل أبي سفيان و هم أعدى أعداء الإسلام و
أشد المخالفين للقرآن الكريم) أن يطمعوا في الحكومة الإسلامية بهذه السرعة، و
يحولوها إلى جهازٍ حكوميٍّ مستبد، و هو أسوأ و أظلم من حكومة كسرى و قيصر و
الفراعنة.
فإذا كانت أمورهم مودعةً في يد عليٍّ عليه السلام المتقدرة، لأجلسهم مركب الحق
المنيع، و لهداهم بأمانٍ و هدوءٍ و مداراةٍ إلى نبع ماء الحياة، و من ثم لرواهم
من ذلك النبع المتدفق ماءً عذباً زلالًا يمنح شاربيه حياةً أزليّة.
إن من شروط القائد الرباني هو حب الخير و العطف على الأمة، فهل وجدوا أحداً
أكثر عطفاً و شفقةً من عليٍّ عليه السلام؟ الشخص الذي كرّس جهده في إشباع الجياع و
إرواء العطاشى، يتألم لآلامهم و همومهم، كما أن غمهم يعصر قلبه.
الشرط الآخر في مسألة الخلافة و الإمامة هو الزهد و عدم الاغترار بالدنيا و
جاهها و مالها، فإن تعلّق قلب قائد الأمة بالدنيا صار من السهل
نام کتاب : الزهراء عليها السلام سيّد نساء العالمين نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر جلد : 1 صفحه : 158