العبارات
الشديدة و المذهلة في الآيات و الرّوايات الشريفة، و نعي من ذلك أنّ الإسلام يريد
إحاطة المسائل الاقتصاديّة بإطار من المعنويّات، و أن يجعلها في بوتقة العواطف
الإنسانيّة و الأخلاقية، فإنّ الرِّبا و المعاملات الرّبويّة تهدم أصول الأخلاق، و
تجتث جذور العواطف الإنسانية، و تعرقل جميع أعمال الخير في البشريّة.
الخامس:
الرِّبا يتنافى مع الحكمة من وجود الأموال.
لأنّ الرِّبا
سيكون باعثاً على تحوير الغاية من وجود الأموال، و تحريف شكلها الأصلي من ثمن إلى
بضاعة و أجناس، حيث إنّ المال و الثروة في الأصل عبارة عن كونها ثمناً لا مثمناً،
فهي وسيطة في المعاملات، و وسيلة لتحصيل البضاعة، لا أنّها بضاعة بنفسها، إلّا أنّ
الرِّبا يجعل المال بضاعة، و بذلك يخسر المجتمع أسلوبه الطبيعي في تعامله الاقتصادي.
و توضيح ذلك:
أنّ المعاملات الاقتصادية في التاريخ الغابر كانت تجري بين الناس بدون توسط
الأموال، بل كانت على شكل استبدال بضاعة بأخرى، و هذا الأسلوب لا زال قائماً في
القبائل البدويّة أيضاً، و حتّى إنّه يجري أيضاً بين الدول أحياناً في المعاملات
الضخمة و التبادل التجاري الواسع بأن تبيع دولة نفطها في مقابل المنتجات الصناعيّة
و الزراعيّة للدولة المقابلة، و لكنّ الإنسان وجد من الصعوبة بمكان الاستمرار على
هذا الأسلوب من التعامل التجاري لعدّة ملاحظات:
أوّلا: أنّ
الأجناس و البضائع لا تقبل أحياناً التبديل إلى بضاعة أخرى،