أمّا الأوّل: فلا ينبغي الشكّ لمن راجع موارد استعمال كلمة «الحكم و التحكم»
في القرآن المجيد و الأخبار و الآثار، إن الأظهر فيها هو القضاء (نعم في استعمالات
اللغة الفارسية الدارجة ظاهرة في الحكومة، و لعل منشأ الاشتباه لدى البعض هو هذا)
كالآيات الكثيرة الدالّة على أن الله يحكم يوم القيامة بين الناس، و ما دلّ على
مؤاخذة الكفّار على ما يحكمون (فَما
لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)* الواردة في
الآيات المتعدّدة، و ما دلّ على حكم داود و حكم النبي (صلى الله عليه و آله) في
اختلاف الناس، و ما ورد في أبواب القضاء و أحكام القضاة و ما أكثرها، و لذا ذكر
الراغب في مفرداته عند ذكر معناه الأصلي «أن الحكم بالشيء أن تقضي بأنه كذا أو
ليس بكذا» و هذا أمر ظاهر لمن راجع إطلاقات لفظ الحكم في الكتاب و السنّة، و لا
أقل من عدم ظهوره في غير هذا المعنى.
و أمّا الثّاني: فلأن الظاهر من المنازعة: هي المنازعة التي تحتاج إلى القضاء
بلا ريب.
و أمّا الثّالث و الرابع: فلأن الظاهر من الآية الشريفة أن المروي عن أكثر
المفسرين كما في مجمع البيان أنها نزلت في خصومة كانت بين يهودي و منافق، فقال
اليهودي أرضى بمحمّد (صلى الله عليه و آله) و قال المنافق بل كعب بن أشرف! لعلمه
بأنه يقبل الرشوة، فالطاغوت بمعنى القاضي الجائر هنا.
و أمّا الخامس: فلأنه إشارة إلى قاضي التحكيم، و هو الذي يختاره الرجلان لأن
يحكم بينهما و هو غير القاضي المنصوب، و إلّا فقوله فليرضوا به حكماً لا يناسب
الحكومة بمعنى الولاية، لعدم اعتبار الرضا فيها كما هو ظاهر.
و يظهر الجواب من السادس بما مرّ في الأول، فإن الحاكم هو القاضي، و أعجب من
الجميع السابع و هو أن يكون القضاء عاماً يشمل الولاية مع أن المتبادر منه غيره.