تجارة عن تراض من الطرفين، فما الفرق بين معاملة و معاملة؟ ثم يجيب القرآن عنه
بأنّه أي فرق أوضح من أن اللّه «أحل البيع» و «حرم الربا» و فعل اللّه مشحون
بالحكم و المصالح العالية.
و هذه المصالح أيضا لا تخفى على الخبير إجمالا، فالانسان العاقل إذا نظر بعين
البصيرة يرى الفرق العظيم بينهما، فالبيع فيه نفع للبائع و المشتري في الغالب،
بينما الربا فيه ضرر على المدين و نفع للدائن دائما، و يترتب عليه استثمار الناس،
و حلول الأزمات الاقتصادية، و تكريس العداوة و البغضاء، و ترك اصطناع الناس
المعروف «و هو القرض الحسن» كما ورد في الحديث، و مفاسد عظيمة اخرى لا تخفى.
هذا و معنى الحلية هنا إمّا الحلية التكليفية بالنسبة إلى ما يستفاد من البيع
من الأموال، أو الحلية الوضعية التي من آثارها الحلية التكليفية.
و الثاني أظهر، و الاستدلال بالآية لأصالة اللزوم في البيوع على الثاني ظاهر
لا غبار عليه، لأنّ هذه الحلية بمعنى نفوذ أمر البيع و امضائه على ما عند العقلاء،
و قد عرفت أنّ بنائهم على اللزوم حتى في المعاطاة، فلا يجيزون انفراد أحد الطرفين
بالفسخ، و قول الشارع «أحل اللّه البيع» امضاء له.
و الإشكال عليه: بأنّه من قبيل التمسك بالعام في الشبهات المصداقية، قد عرفت
الجواب عنه، و أنّ نفس إمضاء البيع بما عندهم من الأحكام ينفى احتمال تأثير الفسخ.
هذا و الذي يوجب الإشكال في الاستدلال بها أمر آخر، و هو أن الآية ليست في
مقام البيان من ناحية حلية البيع مطلقا، بل في مقام بيان الفرق بين البيع و الربا
إجمالا، و هذا كقول القائل: إنّ ذبيحة المسلم حلال و ذبيحة الكافر حرام، في جواب
من يسأل عنهما، و من الواضح أنّه لا اطلاق فيه من سائر الجهات، فلو شككنا في
اعتبار الاستقبال أو البسملة في الذبيحة فلا يمكن نفيهما عنها بهذا الاطلاق.
6- حديث التسلط:
و استدل له أيضا بقوله صلّى اللّه عليه و آله: «الناس مسلطون على أموالهم».