أضف إلى ذلك أنّه لو كان المراد منه الباطل الواقعي، كانت الآية قليل الفائدة
جدّا في ذاتها، لعدم طريق إليه إلّا بدليل آخر يغني عنها.
و بالجملة المراد بالآية النهي عن أكل المال بكل ما يعد باطلا عرفا، كالغصب و
الرشاء و التطفيف و غيرها، و من المعلوم أنّه إذا باع شيئا ببيع المعاطاة، ثم أراد
استرجاعه بغير رضا المشتري كان أكلا بالباطل عرفا، و لم يكن مصداقا للتجارة عن
تراض، و بالجملة كل ذلك امضاء لما عند العقلاء من الأحكام.
و العمدة في الاستدلال بالآية و غيرها من أشباهها كون الفسخ في المقام مردودا
عند العقلاء و باطلا عندهم، فلا يلزم التمسك بالعموم في الشبهات المصداقية.
هذا و لكن يرد على الاستدلال بها أمران آخران:
أحدهما: أنّه يختص بباب الأموال و لا يشمل العقود جميعا، فلا تثبت أصالة
اللزوم كقاعدة كلية في جميع أبوابها، نعم يفيد في المقام أعني المعاطاة.
ثانيهما: إنّ حصر سبب الحلية في «التجارة عن تراض» موجب لتخصيص الأكثر لتكثر
أسبابها من الاباحة و الإرث و الهدية و الوصية و الجعالة و غيرها من أشباهها و هذا
كاشف عن كون الحصر إضافيا، فحينئذ يشكل الاستدلال بذيلها و يكون الذيل من قبيل ذكر
مصداق لما ليس بالباطل المذكور في صدرها.
5- التمسك بآية حلية البيع:
و استدل للقاعدة أيضا بقوله تعالى:
أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبا[1].
و صدر الآية يدلّ على أن قيام المرابين في الحشر كقيام المصروع و من مسّه
الشيطان بالجنون، لا يقدرون على المشي و يتخبطون فيه، كما أن قيامهم في الدنيا
أيضا كذلك، فلهم جنون جمع الثروات من أي طريق، و لو بظلم أحوج الناس و افقرهم، و
ما هناك تجسم لما هنا.
ثم تقول الآية: إنّ عذابهم هذا ناش عن قولهم «إنّما البيع مثل الربا» زعما
منهم أنّ كليهما