و العقد بأي معنى فسّر يشمل جميع المعاملات من البيع و غيرها، سواء قلنا أنّه
«العهد» أو «العهد المشدد».
قال الراغب: العقد الجمع بين أطراف الشيء و ذلك في الأجسام الصلبة كعقد
الحبل، ثم يستعار ذلك للمعاني نحو عقد البيع و العهد ... و قال تعالى: بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ و منه قيل لفلان عقيدة، و قيل للقلادة عقد ... و العقدة اسم لما يعقد من
نكاح.
و لا يخفى على من راجع موارد استعمال هذه الكلمة في الكتاب العزيز أنّها غير
شاملة للمعاملة الاذنية التي تتبع اذن صاحبها و تبقى ما دام الاذن موجودا.
و الأمر بالوفاء و إن كان حكما تكليفيا في بدء النظر إلّا أنّه في أمثال المقام
ظاهر في الحكم الوضعي، فان وجوب الوفاء بالعقد دليل على اعتباره و لزومه وضعا، كما
هو ظاهر.
نعم، قد يقال بعدم إمكان الأخذ بعمومها و إن كان الجمع المحلّى باللام ظاهرا
في العموم لا سيما مع كونه في مقام البيان و الاطلاق، و ذلك للزوم تخصيص الأكثر
بعد خروج المعاملات الجائزة، و هي كثيرة، و خروج البيع و شبهه بأنواع الخيارات.
و لكن الانصاف عدم وجود مانع من هذه الناحية، فان العقد الذي هو متحد مفهوما
مع العهد بل المعاهدة، لا تشمل العقود الجائزة الاذنية إلّا مجازا، و إن شئت قلت:
مفهومه التزام في مقابل التزام، و هذا المعنى غير موجود في مثل الهبة و العارية و
الوديعة و شبهها، فهي خارجة عن الآية رأسا، و أمّا اشتمال البيع و شبهه على كثير
من الخيارات، فهي و إن كانت كذلك، و لكن زمان تزلزل البيع بالخيار في مقابل زمان
لزومه قصير جدّا، فأكثر البيوع في أكثر الأوقات لازمة، و إنّما الجواز يقع في
فترات يسيرة كما لا يخفى.
بقي هنا شيء:
و حاصله أنّ الأمر بوجوب الوفاء بالعقود مسلّم، و لكن بعد الفسخ يكون من قبيل
الشبهة المصداقية، للشك في بقاء العقد، و فيه: أنّه ناش عن عدم تحقيق معنى الوفاء،
فان الظاهر من الأمر بالوفاء هو الأمر المولوي الذي لازمه الحكم الوضعي بلزوم
العقد، و هذا الأمر بنفسه ينفى أثر الفسخ، فان إرجاع العين و تجديد النظر في العقد
مناف للوفاء، فلا يجوز استرجاع العين بهذا الفسخ.