و لكن هنا إشكال آخر من ناحية عدم العلم بالعوض في كثير من هذه الأمثلة، فتبطل
من ناحية الغرر، اللّهم إلّا أن يقال حدود القيمة و العوض معلوم غالبا، و المسألة
غير صافية عن الإشكال و احتمال كونها اباحة مضمونة أيضا غير بعيد.
و من هنا يظهر الكلام في المقام الثالث، فإنّ المعاوضة بين الاباحتين غير
معروفة عند العقلاء، و التمسك بأدلة وجوب الوفاء بالعقود أو المؤمنون عند شروطهم
مشكل إذا لم يكن العقد معروفا عندهم كما عرفت آنفا، نعم يجوز لكل منهما التصرف
فيما عنده برضا مالكه، و لا ينافي ما ذكره صحة العقود المستحدثة عندهم و شمول أدلة
وجوب الوفاء لها لما عرفت من عدم كونها معروفة عندهم.
التنبيه الخامس: جريان المعاطاة في سائر العقود
هل المعاطاة جارية في غير البيع من سائر العقود كالإجارة و الهبة و الرهن و
الوقف و غيرها، أو لا تجرى فيها مطلقا، أو يفصّل بين ما لا يتصور فيه العقد الجائز
كالرهن، لمنافاة الجواز لكون المال وثيقة، و كالوقف لعدم معروفية الوقف الجائز، و
بين غيرها؟ وجوه أو أقوال:
لم نر لقدماء الأصحاب و متأخريهم حكما عاما بجريان المعاطاة في جميع أبواب العقود،
و إنّما هو قول مال إليه المعاصرون أو افتوا به.
نعم في كلام المحقق الثاني قدّس سرّه و غيره جريانها في بعض العقود غير البيع
من دون التعرض للعموم.
و أمّا التفصيل الذي ذكرناه فيظهر أيضا من بعض كلمات المحقق الثاني قدّس سرّه.
و هناك تفصيل آخر يمكن أن يعدّ قولا رابعا في المسألة، و هو الفرق بين العقود
التي يمكن المعاطاة فيها بالفعل، كالبيع و الهبة و الإجارة، و بين ما لا يمكن فيها
كالوصية و الضمان و ما أشبههما.
هذا و مقتضى القاعدة عند القائلين باعتبار اللفظ في صحة العقود بطلان المعاطاة
في