مناسب لتفويض الحكومة لقوله عليه السّلام «قوّمه على ما اراد» و لا أقل من
الإجمال.
و أمّا «الثاني» فانّه كالصريح في التفويض بمعنى الاعطاء و المنع في خصوص
العلوم و المعارف و «الثالث» كذلك في خصوص الاعطاء من بيت المال أو غيره، و
«الرابع» شبيه ما ورد الأوّل بعينه، و «الخامس» أيضا كالصريح في الاعطاء و المنع و
«السادس» أيضا كذلك في خصوص العلوم، و هكذا غيرها ممّا ذكره صاحب بصائر الدرجات في
هذا الباب، و بالجملة لم نجد حديثا يدل على تفويض الأمر في التشريع إلى الأئمّة
الهادين، و لم يعرف منهم ذلك، بل كانوا حفظة للشرع المبين هذا أولا.
ثانيا: سلمنا ثبوت هذا الحق لهم عليهم السّلام، و لكنه من حيث العمل منتف
بانتفاء موضوعه، بعد ما عرفت من إكمال الدين و تمام النعمة، و عدم بقاء الفراغ
القانوني و عدم وجود فراغ في الفقه الإسلامي، بأوفى البيان.
ثالثا: سلمنا ثبوت ذلك للإمام المعصوم عليه السّلام المسدد المؤيد بروح القدس،
الموفق من عند اللّه، كما وقع التصريح به في بعض ما مر عليك، و لكن لا دخل له
بالفقيه غير المعصوم كما هو واضح.
الجواب عن مغالطة في المقام
و هنا مغالطة واضحة توجد في كلمات بعض من يميل إلى تفويض التشريع إلى الفقيه،
و هي أن كمال الدين يحصل بتفويض الأمر إلى الفقيه، فإذا كان هذا التفويض من أحكام
الدين فكان اللّه اكمل دينه بهذه الطريقة، أي بتفويض جعل الأحكام إلى الفقهاء!
أقول: و هذا من اعجب ما ذكر في المقام و يرد عليه:
«أولا»: لأنّ معنى إكمال الدين تشريع
قوانينه، لا تعيين من يكمله في كل عصر، فهل ترى من نفسك إذا انتخب الوكلاء و
الممثلون من ناحية الشعب لتدوين القانون الأساسي أو القوانين الاخر أن تقول: إنّ
القوانين قد كملت، و لم يبق هناك فراغ، لأنّ الوكلاء انتخبوا، اللّهم إلّا على
سبيل المجاز، و من أوضح ما يدل على ما ذكرنا قول مولانا أمير المؤمنين عليه
السّلام