و قد عقد بابا آخر في التفويض إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أورد فيها
تسعة عشر حديثا متحد المضمون غالبا مع ما مرّ عليك من أحاديث الكافي و فيها بعض
الإضافات.
منها: ما رواه عبد اللّه بن سنان عن بعض أصحابنا عن أبي جعفر عليه السّلام
قال: «إنّ اللّه تبارك و تعالى أدّب محمدا صلّى اللّه عليه و آله فلما تأدب فوض
إليه فقال تبارك و تعالى: ما آتاكُمُ
الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا فقال: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ
اللَّهَ فكان فيما فرض في القرآن، فرائض الصلب و فرض
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فرائض الجد فأجاز اللّه ذلك» الحديث [1]. (و لكنها
مرسلة).
و منها: ما رواه عبد اللّه بن سليمان عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «إنّ
اللّه أدّب محمدا صلّى اللّه عليه و آله تأديبا ففوض إليه الأمر و قال: ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ
فَانْتَهُوا و كان ممّا أمره اللّه تعالى في كتابه فرائض
الصلب و فرض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله للجد، فأجاز اللّه ذلك له» [2] (و هي أيضا
مرسلة).
فذلكة الكلام في مسألة التفويض:
و تلخص ممّا ذكرنا امور:
الأول: إنّ الذي يظهر من مجموع روايات الباب أنّه أعطى النبي صلّى اللّه عليه
و آله الولاية على التشريع إجمالا في موارد خاصة، أعطاه اللّه ذلك امتحانا لإطاعة
الخلق (أو تعظيما لمقامه الشريف، و اظهارا لمنزلته عند اللّه سبحانه) و ما ورد في
روايات الباب امور محدودة معدودة و في اضافة الركعتين الأخيرتين في الصلاة، و سنة
النوافل و سنة صوم شهر رمضان، و ثلاثة أيّام في كل شهر، و تحريم كل مسكر غير الخمر
و كراهة بعض الأشياء و طعمة الجد، بل و فريضته على رواية، و مقدار دية العين و
النفس و ما أشبهها.
و لكن ورد بعضها في الأحاديث الصحاح و بعضها في الضعاف و إثبات جميع ذلك بتلك
[1]. بصائر الدرجات، الباب 5 من الجزء
الثامن، باب التفويض، ح 16، ص 382.