معنى لجريان الحكومة فيها، بل تقديم على أدلة المباحات لأنّها ليس فيها اقتضاء
و ملاك للوجوب أو الحرمة، و بعد ما صار مقدمة للواجب أو الحرام كان فيها اقتضاء
لذلك، كما لا يخفى على الخبير.
فتقديم العناوين الثانوية على الأولية إنّما يكون لجهات شتى، في كل مقام
بحسبه.
5- ولاية الفقيه بنفسها من الأحكام و العناوين الأولية
كما أنّ منصب الافتاء و منصب القضاء أيضا كذلك، فهذه المناصب الثلاثة كلها من
العناوين الأولية، و لكن الكلام كله في تعلق هذه المناصب، فمنصب الافتاء يدور مدار
استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها، و منصب القضاء يدور حول إحقاق الحقوق و إجراء
الحدود على وفق أحكام الشرع، و الولاية تدور مدار إصلاح نظام المجتمع الإنساني من
طريق تنفيذ أحكام الشرع و إجرائها، فكل هذه المناصب تدور مدار أحكام الإلهية
الأولية و الثانوية لا غير، و جميع هذه في طول تلك الأحكام، فكما أنّ منصب الافتاء
لا يتعدى كشف الأحكام العناوين الأولية و الثانوية، و القضاء لا يتعدى عن إحقاق
الحقوق على وفق أحكام الشرع، فكذلك الولاية لا تتعداها أبدا، و إلّا لم تكن ولاية
إلهية إسلامية، و من الواضح أنّه ليس للفقيه الولاية كيفما شاء و أراد كما مرّ
مرارا.
كشف النقاب عن الولاية المطلقة
إن قلت: إنّه قد ورد في بعض كلمات الأعاظم (قدّس اللّه أسرارهم) أنّ ولاية
الفقيه مطلقة لا تقيد فيها.
قلت: نعم هي كذلك، و لكن المراد منه أنّه لا تتقيد بالضرورة و الاضطرار و شبه
هذه الامور، توضيح ذلك: أنّه قد تطلق العناوين الثانوية و يراد منها جميع ما ينطبق
على التعريف الذي ذكرنا آنفا، و لها حينئذ عرض عريض يشمل العناوين العشرة السابقة
و غيرها.