روى الصدوق في الفقيه عن علي عليه السّلام قال: «قال رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و آله: اللّهم ارحم خلفائي، قيل يا رسول اللّه! و من خلفائك؟ قال الذين يأتون
من بعدي يروون حديثي و سنتي».
و بعض طريق الحديث مرسلة و بعضها مسندة، و للحديث اسناد مختلفة مروية في كتب
متعددة، و قد يقال إنّ كثرة أسانيدها توجب الاطمينان بصدورها، و لا سيما أنّها
مروية من طريق الفريقين، و قد رواه في كنز العمال مع تفاوت يسير، قال رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله «رحمة اللّه على خلفائي، قيل و من خلفائك يا رسول اللّه؟
قال الذين يحيون سنتي و يعلمونها الناس» [2].
هذا و لكن الكلام في مفاد الرواية، فقد يقال: إنّ اطلاق الخلافة فيها يشمل
جميع مناصب النبي صلّى اللّه عليه و آله و قد كان له منصب تبليغ آيات اللّه، و
القضاء، و الولاية فهذه الشؤون الثلاثة تكون للعلماء من بعده، بل قد يقال بظهورها
في الأخير، فان الخلافة أمر معهود من أول الإسلام ليس فيه ابهام، فلو لم تكن ظاهرة
في الولاية و الحكومة فلا أقل من أنّها القدر المتيقن منها [3].
و لكن أنكر دلالته على غير نشر الأحكام و تبليغها غير واحد منهم، كالمحقق
الايرواني قدّس سرّه و غيره، و الانصاف أنّ في دلالتها على المقصود إشكال من
جهتين:
من جهة كون ظاهرها قضية خبرية تحكي عن الخارج، لا في مقام إنشاء الخلافة لرواة
الحديث.
و من أجل أنّ قوله في ذيلها «و يعلمونها الناس» أو «و يعلمونها عباد اللّه» أو
شبه ذلك، أوضح قرينة على أنّ المراد بالخلافة فيها هو تعليم الناس و هدايتهم إلى
اللّه، و تبليغ أحكام الدين و معارفه، و كون الخلافة أمرا معهودا يدفعه وجوب قرينة
صارفة ظاهرة في متن الرواية و هي مسألة التعليم.
[1]. الوسائل، ج 18، أبواب صفات
القاضي الباب 8، ح 50.