كما لا بدّ أن يكون عارفا بالامور السياسية و تدبير المدن، و كيف يسوغ لغير
الفقيه الذي لا يعرف أحكام الشرع حق عرفانها التصدي لهذه الحكومة الإلهية؟
و بعبارة ثالثة: إنّ الحكومات على قسمين: الحكومات القائمة على أساس العقيدة و
الحكومات التي ليست كذلك، و القسم الأوّل «إلهية» و «الحادية» و الإلهية كالحكومة
الإسلامية، و الإلحادية كالماركسية، و في كل من هذين القسمين لا يكون الرئيس إلّا
من هو عارف بتلك العقيدة عرفانا تاما، و يعرف ذاك المذهب على حد الاجتهاد فيه كما
لا يخفي على من علم حال غير مسلمين أيضا في هذه الحكومات.
و بالجملة الحكومات الإلهية الإسلامية لا يمكن انفكاكها عن رئيس عالم بالمذهب
و بالدين الإسلامي لا أقول أنّه يعمل فيهم بما يشاء، بل الرجوع إلى أهل الخبرة و
الاستناد إليهم، و الاستشارة في كل ما يحتاج إلى الرجوع إليهم، و سيأتي شرح هذا
المعنى مستوفى إن شاء اللّه.
روايات الولاية:
و أمّا الروايات التي استدل بها لهذا المعنى فهي كثيرة، بعضها لا يزيد عن حد
الاشعار، بل لعله لا اشعار فيه، و إنّما جمعها بعضهم حرصا على تكثير الأدلة، مع
أنّ تكثيرها بما لا دلالة فيها أحيانا يوجب الوهن فيما يدل، و يذهب بالاعتماد
بالنسبة إلى غيره، فالأولى و الأجدر في جميع المباحث صرف النظر عن تكثير الأدلة
بما يشمل الضعاف، و الاكتفاء بما يصلح للدلالة، أو يحتمل دلالتها على الطلوب،
فنقول و منه سبحانه نستمد التوفيق و الهداية، ما قيل أو يمكن القول بدلالتها على
المقصود عدّة روايات:
1- مقبولة عمر بن حنظلة
و هذه المقبولة هي أشهرها في كلماتهم، رواها في الوسائل في كتاب القضاء أبواب
صفات القاضي.