4- و ما رواه في البحار أيضا عن الصادق عليه السّلام قال: «لا يستغني أهل كل
بلد عن ثلاثة، يفزع إليه في أمر دنياهم و آخرتهم فان عدموا ذلك كانوا همجا: فقيه
عالم ورع و أمير خير مطاع، و طبيب بصير ثقة» [1].
إلى غير ذلك ممّا هو ظاهر أو صريح في عدم استغناء نوع الإنسان عن الحكومة،
يعثر عليها المتتبع في تضاعيف كتب الرواية.
الثاني: أولوية الفقيه
أعني كون الفقيه الجامع للشرائط أولى بذلك من غيره، فقد يستدل له تارة بما
يشبه دليلا عقليا، و اخرى بروايات كثيرة وردت في أبواب مختلفة.
أمّا الأوّل فهو ما يستفاد من كلمات بعض الأساتذة الأعلام قدّس سرّه و حاصله
بتقرير منّا: إنّه لا شك- كما عرفت في المقام الأوّل- أنّه لا يمكن إهمال أمر
المجتمع الإسلامى من حيث الحكومة، و أنّه لا بدّ للناس من ولي و أمير يدير امورهم
و يأخذ للضعيف حقّه من القوي، و يدافع عنهم عند هجوم الأعداء، و ينتصف لهم و منهم،
و يجري الحدود، و يسوس جميع ما يحتاجون إليه في أمر دينهم و دنياهم.
كما أنّه لا ينبغي الشك في أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله كان بنفسه يتولى
هذه الامور و من بعده كان هذا للأئمّة الهادين عليهم السّلام، و أمّا بعد غيبة ولي
اللّه المنتظر عليه السّلام فإمّا أن يكون المرجع في هذه الامور خصوص الفقيه
الجامع، أو يصح لكل أحد القيام بها، و القدر المتيقن من الجواز هو الأوّل، لعدم
قيام دليل على الثاني، و الأصل عدم ولاية أحد على أحد، خرجنا من هذا الأصل في
الفقيه، لأنّ جواز ولايته ثابت على كل حال، و إنّما الكلام في جواز غيره.
و إن شئت قلت: الحكومة الإسلامية حكومة إلهية لا تنفك سياستها عن ديانتها و
تدبيرها عن تشريعها الإلهي، فالقائم بهذا الأمر لا بدّ، أن يكون عارفا بأحكامه
عرفانا تاما،