و لكن مع ذلك كله قد يعارض ما ذكر بما رواه مرسلا في دعائم الإسلام عن الصادق
عليه السّلام قال: «لا يصلح الحكم و لا الحدود و لا الجمعة إلّا بإمام» [2] بناء على أن
المراد بالإمام فيه، هو الإمام المعصوم عليه السّلام.
و يرد عليه: تارة بضعف سنده بالارسال (و ما روايته عن الأشعثيات فهو غير ثابت،
مضافا إلى أنّ الإشكال فيه أكثر، لعدم ثبوت اعتبار نفس الكتاب)، و اخرى بضعف
دلالته لأنّ المراد من الإمام فيه، يمكن أن يكون معنا عاما يشمل الفقيه، كما يشهد
له ذكره بصورة النكرة، و يؤيده ذكر الحكم إلى القضاء فيه، بل و صلاة الجمعة مع
العلم بأنّ القضاء و الحكم لا ينحصر في الإمام المعصوم عليه السّلام بل و صلاة
الجمعة أيضا، سلمنا لكن أدلة الولاية تدل على قيام الفقيه مقام الإمام المعصوم
عليه السّلام في أمثال ذلك، و اللّه العالم.
بقي هنا امور:
1- هل هذا الحكم على سبيل الوجوب أو الجواز، قال المحقق النراقي قدّس سرّه في
العوائد:
«الظاهر من القائلين بثبوت الولاية لهم
الأوّل (أي الوجوب) حيث استدلوا باطلاق الأوامر، و بافضاء ترك الحدود إلى المفاسد،
و صرحوا بوجوب مساعدة الناس لهم، و هو كذلك لظاهر الإجماع المركب، و قول أمير
المؤمنين عليه السّلام في رواية ميثم الطويلة التي رواها المشايخ الثلاثة الواردة
في حدّ الزنا: «من عطل حدّا من حدودي فقد عاندني» [3].
أقول: مقتضى الأدلة الخمسة السابقة كلّها الوجوب، و لا بدّ في أخذ هذه
الخصوصيات من الرجوع إليها، إمّا علة التشريع فواضح، و إمّا اطلاق الأوامر في باب
الحدود فهو أوضح، و إمّا مقتضى أدلة الولاية و أن لم يكن الوجوب بل الجواز، و لكن
من المعلوم أنّ الولي
[1]. وسائل الشيعة، ج 18، الباب 28 من
أبواب مقدمات الحدود، ح 2- 3.