الذي لا يوجد عنده ثم يمضي ليشتريه و يقبضه، و لكن لا مانع من المقاولة من قبل
و تعيين الثمن و المثمن و غير ذلك بشرط أن يكون كل من طرفي المعاملة مختارا في
قبول ما تقاولا عليه و تركه، بمعنى عدم الإلزام من ناحية واحد منهما، و النهي عن
البيع بدون القبض في غير واحد منهما لعله كناية عن النهي بدون تمام الملكية و التسلط
على الاقباض.
كلام المحقق الأنصاري في هذه الأخبار:
لقد قسّم قدّس سرّه هذه الأخبار إلى ما هو عام يدل على النهي عن بيع ما ليس
عنده مطلقا، و إلى أخبار خاصة تدل على بطلان البيع قبل تملك المتاع، ثم أجاب عن
الجميع بأنّ غاية ما يستفاد منها هو عدم ترتب الأثر المقصود من النقل و الانتقال
على هذا البيع، لا أنّه لغو و باطل من رأس و لا يصح حتى مع الإجازة المالية، و
بالجملة هي دالة على عدم تمام البيع قبله لا على كون الإنشاء كالعدم ثم أورد على
نفسه بأن مقتضى التعليل الوارد في رواية خالد بن الحجاج [1] بأن المشتري إن شاء أخذ و إن شاء ترك، ثبوت
البأس بمجرّد لزومه على الاصيل، و هذا محقق فيما نحن فيه بناء على أنّه ليس للأصيل
ردّ العقد قبل اجازة المالك.
فأجاب عنه: بأنّ المراد منه أنّ اللزوم من الطرفين ممنوع.
و قد رجع عن هذا البيان ثانيا و قال: بأنّ اطلاق النهي عن مثل هذا البيع دليل
على فساده مطلقا، و إلّا كان اللازم النهي عنه مقيدا بعدم لحوق الإجازة.
فالانصاف أنّ ظاهرها عدم وقوع البيع قبل التملك و عدم ترتب أثر الإنشاء عليه و
لو مع الإجازة، ثم رجع عن هذا ثالثا إلى الإثبات، نظرا إلى أنّ كثيرا من هذه
الأخبار وردت في البيع الكلي مع أنّ المذهب جواز بيع الكلي قبل تملك شيء من
مصاديقه (سلفا
[1]. راجع وسائل الشيعة، ج 12، الباب
8 من أبواب أحكام العقود، ح 4.