بقي الكلام فيما عرفت سابقا من أنّ جماعة من الأصحاب (منهم الشيخ قدّس سرّه في
الخلاف و ابن ادريس قدّس سرّه في السرائر و صاحب الوسيلة و الغنية، و جماعة من
متأخري الأصحاب كالشهيد و العلّامة و ولده الفاضل (قدّس اللّه اسرارهم) اختاروا
ضمان أعلى القيم من حين الغصب إلى حين التلف، و مال إليه المحقق و الشهيد الثاني
قدّس سرّهما في الشرائع و المسالك.
و استدل له بامور عمدتها:
1- أنّه مقتضى القاعدة، لأنّ العين في ضمان الضامن في جميع الحالات إلى يوم
التلف، و من جملتها أعلى القيم، مضافا إلى أخذ الغاصب بأشق الأحوال (إذا فرض
الكلام في الغصب).
و فيه: أنّه من قبيل الخلط بين الضمان التقديري الحاصل عند ثبوت العين و الضمان
الفعلي عند فقدانه، و الأوّل لا أثر له إذا لم يتلف العين فارتفاع القيمة غير
مضمون إلّا إذا وقع التلف حينه، و لو كان ضمانه لارتفاع القيمة فعليا لزم ردّه إلى
المالك مع ردّ العين، و هو ممّا لم يقل به أحد كما صرح به في الجواهر في «كتاب
الغصب».
و أخذ الغاصب بأشق الأحوال لا دليل له، بل هو مأخوذ بما يقتضي العدالة من
تدارك العين و الخسارات الحاصلة، و قد عرفت أنّه يتمّ بأداء قيمة يوم التلف.
و لقد أجاد الشهيد الثاني قدّس سرّه في ما قال في المسالك «و مؤاخذة الغاصب
بالاشق لا يجوز بغير دليل يقتضيه و قد تبيّن ضعفه» [1].
2- إنّ الغاصب أو الضامن حاصل بين المالك و العين بما له من المالية في كل
زمان، و من تلك الأزمنة زمان ارتفاع القيمة السوقية، فهو ضامن لهذه القيمة و
الباقي مندرج تحتها.
و فيه: إنّ مدار الضمان الفعلي هو التلف و مجرّد الحيلولة حرام تكليفي لا يوجب
ضمانا إلّا تقديرا، أعني على تقدير التلف، نعم قد تدخل المسألة في «قاعدة لا ضرر»
كما