و توهّم كونه من قبيل ضمان الأمين كما ترى، لأنّه لم يعطه المال بعنوان
الأمانة بل بعنوان الوفاء بالعقد المبني على الصحة غير مبال بالفساد كما هو ظاهر.
و أمّا في صورة علم أحدهما و جهل الآخر، ففيه إشكال الغرور، فان الجاهل أقدم
على المعاملة بزعم أنّ الضمان بقيمة المسمى- و كانت قيمة المثل أكثر منه بأضعاف
مثلا- فتسليط البائع العالم له على المال مع علمه بالفساد هو الذي أوجب غروره و
وقوعه في هذا الضرر، فلو قلنا بضمانه جاز رجوعه إلى البائع الغار بتفاوت ما بين
المسمى و المثل لا أقل، و وقع التهاتر بين دينه من ناحية الضمان و حقه من ناحية
الغرور، أو بالنسبة إلى الجميع لأنّه مغرور في الكل.
هذا و لكن غروره في الكل واضح الفساد، لعدم كونه مغرورا بالنسبة إلى المسمى،
لأنّ المفروض دخوله في المعاملة لا على نحو المجانية.
و أمّا بالنسبة إلى التفاوت فهو إنّما يصح إذا كان البائع هو الباعث له في
إلقائه في هذا الضرر، مثل ما إذا قال البائع له: تعال و اشتر هذا المتاع مني و
البيع صحيح شرعا، و لا نلتزم بغير المسمى.
أمّا إذا جاءه المشتري و لم يسأله عن صحة المعاملة شرعا و فسادها، و أقدم هو
بنفسه على المعاملة فكونه مصداقا لقاعدة الغرور محل إشكال ظاهر.
عكس القاعدة:
هذا كله في أصل القاعدة، أمّا عكس القاعدة: و هو «كل عقد لا يضمن بصحيحه لا
يضمن بفاسده» فقد استدل له أيضا بامور:
1- الإجماع: و فيه ما مر في أصل القاعدة، من عدم حجيته في أمثال المقام لو
سلّم قيام الإجماع صغرويا.
2- الأولوية: و قد أشار إليها الشيخ قدّس سرّه في ما حكي من رهن المبسوط، و
حاصلها: أنّ العقد الصحيح مثل الهبة أو الإجارة إذا لم يقتض الضمان و وقع مجانيا
ففاسده لا يقتضي ذلك