اثنين، و يحتاج إلى إنشاءين، لأنّه من الامور القائمة بطرفين، و لا معنى
للمعاهدة القائمة بطرف واحد، كما يظهر بمراجعة أهل العرف في فهم معنى العقد و
المعاهدة و ما يسمّى في الفارسية ب «قرارداد».
و أمّا الوديعة، فهي التزام في مقابل التزام، لأنّ الودعي يلتزم بحفظ الوديعة،
و لذا قد لا يقبلها، و لا يلتزم بحفظها و كذلك العارية و شبهها.
و المتهب أيضا ينشأ قبول الهبة، أوضح منه الوكالة، و أمّا لو أجاز المالك
التصرف في ماله بالبيع و نحوه أو بالانتفاع منه، فهذا ليس من العقود قطعا بل مجرّد
اباحة مالكية تستلزم اباحة شرعية، فيجوز للمأذون له التصرف فيه شرعا بل يجوز بيعه
إذا أجاز، و عمله يكون من قبيل الأعمال التسببية للمالك و إن لم يكن هناك وكالة.
فكأنّ الخلط هنا نشأ من الخلط بين «الاباحة المالكية» و «العقدية» فتدبّر
جيدا، و الجملة فالعقد أمر يدور بين اثنين يتوافقان على شيء و ينشئان العقد عليه،
و لا معنى لتركبه من إنشاء واحد و رضى به.
المقام السادس: اعتبار الموالاة في العقد
هل يعتبر التوالي بين الإيجاب و القبول و عدم الفصل الطويل بينهما، أم لا؟ عن
جماعة من أكابر الفقهاء اعتباره.
و من العجب أنّ المحقق قدّس سرّه لم يتعرض له في البيع في الشرائع و لا في
النكاح، و لم يذكر صاحب الجواهر قدّس سرّه هنا إلّا كلاما موجزا للغاية، فانّه بعد
نقل اعتبار الاتصال عن جماعة قال: «قلت: المدار في هذه الموالاة على العرف فإنّه
الحافظ للهيئة المتعارفة سابقا في العقد، الذي نزلنا الآية عليه، فإنّ الظاهر عدم
تغيرها» انتهى. [1]
و على كل حال فغاية ما استدل أو يمكن الاستدلال به على هذا الشرط امور:
الأمر الأول: و هو العمدة، عدم صدق العقد إذا كان هناك فصل مفرط بين الإيجاب