شيئا مثل أن يحلب في الاسكرجه فيبيعه مع ما في الضرع و يقول اشتر مني هذا
اللبن الخ [1].
فقد ورد الإنشاء فيه بلفظ الأمر، و سند الحديث معتبر، و في مصباح الفقاهة نقل
هذه الرواية بلفظ المضارع لا الأمر، و الظاهر أنّه خطأ منه، فان المذكور في
الرواية أنّه من قول صاحب اللبن، و ذكر بعده لفظة «مني»، و هذا كالصريح في كونه
«اشتر» بلفظ الأمر لا بلفظ المضارع.
و مع ذلك يشكل نفي الجواز، بل قد عرفت أنّه مقتضى القواعد أيضا إذا كان محفوفا
بالقرائن الدالة على أنّ الأمر ليس بصدد الاستدعاء بل ورد في مقام الإنشاء.
و أمّا الإنشاء بقوله «اشتريت»، فالانصاف أنّه لا غبار عليه، بل يصح عدّة
إيجابا من ناحية المشتري يتعقبه القبول من ناحية البائع، و لا دليل على لزوم كون
البائع موجبا دائما و المشتري قابلا، كما أنّه لا دليل على وجوب كون الزوج قابلا
دائما، بل يجوز بالعكس كما ورد في كثير من روايات باب النكاح، و قد مرت الإشارة
إليها و هي روايات كثيرة.
بقي هنا أمران:
الأمر الأول: إنّ العلّامة الأنصاري قدّس سرّه ذكر في آخر كلامه في المقام أنّ
العقود على قسمين، ثم قسم كلّا منهما إلى قسمين، و محصل ما ذكره في الأقسام
الأربعة ما يلي:
الأوّل: ما يكون فيه التزامان متساويان (كالصلح).
الثاني: ما يكون فيه التزامان مختلفان (كالبيع و الإجارة) فان التزام البائع
يغاير التزام المشتري، و كذا الموجر و المستأجر.
الثالث: ما لا يكون في قبوله إلّا الرضا مع مطاوعة الإيجاب (كما في الرهن و
الهبة و القرض).
الرابع: ما لا يكون فيه سوى الرضا بالإيجاب (كما في الوكالة و العارية و
شبهها).
[1]. اسكرجة بتخفيف الراء الساكنة أو
تشديدة مع الضم اناء صغير و هو فارسى معرب (و لعل اصله شكرچه، شيء مثل ما يسمى قندان).