إنشاء البيع و النكاح، فما يقع فيه من بعضهم من الوسوسة و القول بعدم جواز
إجراء الصيغة من العوام لأنّهم لا يعرفون معنى الإنشاء فاسد لا دليل عليه.
و إن شئت قلت: إنّ حقيقة الإنشاء هي الإيجاد (خلافا لما ذكره بعض الأعلام
العصر أنّ حقيقته هو ابراز ما في النفس من الاعتبار) و لكنه إيجاد في عالم
الاعتبار، أعني الاعتبار العقلائي بأسبابه (كما عرفت سابقا) و اللازم أن يعرف
المنشئ للعقد أنّه ليس بصدد الإخبار، بل هو بصدد إيجاد التمليك أو علاقة الزوجية
أو غير ذلك و يفرق بين الإخبار و الإنشاء إجمالا، و أمّا أزيد من ذلك ممّا لا
يعلمه إلّا العلماء الأعلام فغير لازم قطعا، و المعنى الإجمالي منه معروف لغالب
الناس و إن كان لا يعرف معناه التفصيلي إلّا الأوحدي.
المقام الرابع: هل يشترط الماضوية؟
قال في القواعد: لا بدّ من صيغة الماضي، فلو قال اشتر، و ابتع أو أبيعك لم
ينعقد و حكي اختيار هذا القول عن الإرشاد و شرحه لفخر المحققين و الروضة و
المسالك.
و ادّعى في مجمع البرهان أنّه المشهور، و كذا عن المفاتيح و عن التذكرة
الإجماع عليه، و نسب إلى الشيخ قدّس سرّه و غيره الفتوى به، و إن قال في مفتاح
الكرامة لم أجد في الخلاف و المبسوط تصريحا بذلك [1].
و قال في مفتاح الكرامة في كلام آخر له في المسألة: «إن كان الإجماع منعقدا
على اشتراط الماضوية كان الإجماع قرينة على عدم تسمية الخالي عنها عقدا في زمانهم
عليهم السّلام و إلّا فالشهرة معلومة و منقولة، فيحصل لنا بسببها الشك في كونه
عقدا في ذلك الزمان، و الشك كاف في المقام، و كون ذلك عقدا الآن لا يجزي كما هو
الشأن في المكيل و الموزون فتأمل جيدا» [2].
و عن غير واحد من القدماء و المتأخرين جوازه بغير الماضي أيضا، و هو الأقوى
إذا كان له ظهور عرفي.