responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أنوار الأصول نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 3  صفحه : 46

فظهر أنّ ملاك وجوب طاعة اللَّه وقبح معصيته إنّما هو مولويته ومالكيته فللّه تعالى حقّ الطاعة على العبد لأنّه مولى حقيقي ومالك لجميع شؤونه.

إذا عرفت هذا يقع البحث في حدود هذا الحقّ ودائرته.

فنقول: العقل حاكم على أنّ قيمة أغراض المولى ليست أقلّ من قيمة أغراض العبد فكما أنّه يهتمّ بأغراضه حتّى في المحتملات والمشكوكات فيسلك فيها سبيل الاحتياط كذلك يجب عليه الاحتياط في طريق النيل إلى أغراض المولى المحتملة والمشكوكة، ففي صورة الشك وعدم البيان الذي هو محلّ النزاع في المقام يحكم العقل بوجوب الاحتياط وقبح المعصية وحسن العقاب عكس ما ذهب إليه المشهور من قبح العقاب بلا بيان.

نعم‌ إلى هنا ظهر عدم كون القاعدة قاعدة عقليّة، ولكن الحقّ إنّها قاعدة عقلائيّة جرت عليها سيرتهم وأمضاها الشارع بعدم ردعه منها كما نرى بين العبيد والموالي والملوك وأتباعهم والرؤساء ومن يكون تحت رياستهم، فإنّ بناءهم على عدم عقاب العبد ما لم يبيّن المولى مقاصده وأغراضه، وعلى عدم عقاب المرؤسين والرعايا ما لم يبلغ إليهم أغراضهم، وعليه تكون القاعدة قاعدة عقلائيّة لا عقليّة.

وإن شئت قلت: لولا بناء العقلاء على عدم العقاب بلا بيان وإمضاء الشارع لهذا البناء لم يقبح في حكم العقل العقاب بدونه، فوقع الخلط هنا بين الأحكام العقليّة المبنية على مسألة الحسن والقبح والأحكام العقلائيّة الناشئة عن تشريعاتهم وقوانينهم، والفرق بينهما ظاهر كما أنّ آثارهما مختلفة وستأتي الإشارة إليها عن قريب إن شاء اللَّه.

لكن للمحقّق النائيني رحمه الله هنا بيان حاصله: إنّ الأحكام بوجودها الاحتمالي ليست لها محرّكية وباعثيّة، فيكون المكلّف حينئذٍ كالعاجز والمضطرّ، وتكليفه تكليفاً بما لا يطاق، وإليك نصّ كلامه: «لا يكفي في صحّة المؤاخذة واستحقاق العقوبة مجرّد البيان الواقعي مع عدم وصوله إلى المكلّف فإنّ وجود البيان الواقعي كعدمه غير قابل لأن يكون باعثاً ومحرّكاً لإرادة العبد ما لم يصل إليه ويكون له وجود علمي ...» [1].

أقول: الإنصاف أنّ هذه مصادرة على المطلوب، لأنّا نعلم أنّ للأحكام بوجودها


[1] فوائد الاصول: ج 3، ص 5 36، طبع جماعة المدرّسين.

نام کتاب : أنوار الأصول نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 3  صفحه : 46
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست