الماديّة و
المعنويّة الموهوبة على طريق تخريبي انحرافي و ممارسة الظلم و الطغيان، فقد وهب
اللّه سبحانه و تعالى مواهب كثيرة لبني إسرائيل من قبيل الأنبياء و القادة الشجعان
و الإمكانات الماديّة الكثيرة، و لكنّهم لم ينتفعوا من أنبياءهم الإلهيّين، و لا
استفادوا من المواهب الماديّة استفادة صحيحة، و بهذا ارتكبوا معصية تبديل النّعمة
ممّا سبّب لهم أنواع العذاب الدنيوي، كالتيه في الصحراء و كذلك العذاب الاخروي
الأليم.
و عبارة (سل
بني إسرائيل) في الحقيقة تستهدف كسب الاعتراف منهم بشأن النعم الإلهيّة، ثمّ
التفكير بالسّبب الّذي أدّى بهم إلى الهاوية و التمزّق مع كلّ هذه الإمكانات
ليكونوا عبرة للمسلمين و لكلّ من لا ينتفع بالمواهب الإلهيّة بصورة سليمة.
و لا تنحصر
مسألة تبديل النّعمة و المصير المؤلم لها ببني إسرائيل، بل أنّ جميع الأقوام و
الشّعوب إذا ارتكبت مثل هذه الخطيئة سوف تبتلي بالعذاب الإلهي الشديد في الدنيا و
في الآخرة.
فالعالم
المتطوّر صناعيّا يعاني اليوم من هذه المأساة الكبرى، فمع و فور النعم و الطاقات
لدى الإنسان المعاصر وفورا لم يسبق له مثيل في التاريخ نجد صورا شتّى من تبديل
النعم و تسخيرها بشكل فضيع في طريق الإبادة و الفناء بسبب ابتعادهم عن التعاليم
الإلهيّة للأنبياء، حيث حوّروا هذه النعم إلى أسلحة مدمّرة من أجلّ بسط سيطرتهم
الظالمة و استعمارهم للبلدان الاخرى، و بذلك جعلوا من الدنيا مكانا غير آمن، و
جعلوا الحياة الدنيا غير آمنة من كلّ ناحية.
(نعمة اللّه) في هذه الآية قد تكون إشارة إلى
الآيات الإلهيّة و تبديلها يعني تحريفها، أو يكون المعنى أوسع و أشمل من ذلك حيث
يستوعب كلّ الإمكانات و المواهب الإلهيّة، و المعنى الثاني أرجح.