أجل إن للتاريخ أهمية حيوية لكلّ أمة من الأمم، لأن التاريخ يعكس الخصوصيات
الأخلاقية و الأعمال الصالحة و غير الصالحة، و الأفكار التي كانت سائدة في الأجيال
السابقة، كما يكشف عن علل سقوط المجتمعات أو سعادتها، و نجاحها و فشلها في العصور
الغابرة المختلفة.
و بكلمة واحدة: إن التاريخ مرآة الحياة الروحية و المعنوية للمجتمعات البشرية
و هو لذلك خير مرشد محذر للأجيال القادمة.
و لهذا نجد القرآن الكريم يدعو المسلمين إلى السير في الأرض و النظر بإمعان و
تدبر في آثار الأمم و الشعوب التي سادت ثمّ بادت إذ يقول: فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ* فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ
الْمُكَذِّبِينَ.
إن آثار الماضين خير عبرة للقادمين، و بالنظر فيها و الإعتبار بها يمكن للناس
أن يعرفوا المسير الصحيح للسلوك و الحياة.
السياحة و السير في الأرض:
إن الآثار المتبقية في مختلف بلدان العالم من الأمم و العهود السابقة ما هي-
في الحقيقة- إلّا و ثائق التاريخ الحية و الناطقة. بل هي قادرة على أن تعطينا من
الحقائق و الأسرار أكثر ممّا يعطينا التاريخ المدون.
إن الآثار الباقية من العصور السالفة بما فيها من أشكال و صور و نقوش و كيفيات
تدلنا على ما كانت تتمتع به الأمم البائدة من روح و فكر، و ثقافات و مبادئ، و عظمة
أو صغار، في حين لا يجسّد التاريخ المدون سوى الحوادث الواقعة و سوى صور خاوية
عنها.
أجل، إن خرائب قصور الطغاة و بقايا آثار عظيمة مثل الأهرام، و برج بابل، و
قصور كسرى، و آثار الحضارة المندثرة لقوم سبأ، و مئات من نظائرها الاخرى