و النار في هذه الآية: هل هي نار الجحيم، أو نيران هذه الدنيا؟ فيها خلاف بين
المفسّرين، و لكن النظر في مجموع الآية يهدي إلى أن النار كناية عن نيران الحروب و
المنازعات التي كانت تتأجج كلّ لحظة بين العرب في العهد الجاهلي بحجج واهية، و
لأسباب طفيفة.
فإن القرآن يصور بهذه العبارة الوضع الجاهلي المتأزم و يصور أخطار الحروب
المدمرة التي كانت تتهدد حياة الناس في كلّ لحظة بالفناء و الدمار و الانهيار، و
ما من به اللّه سبحانه عليهم من النجاة و الخلاص من ذلك الوضع في ظل الإسلام و
بفضل تعاليمه، و الذي بسببه تخلّص المسلمون أيضا من نار جهنم، و عذابه الأليم.
و لمزيد من التأكيد على ضرورة الاعتصام بحبل اللّه مع الإعتبار بالماضي و
الحاضر، يختم سبحانه الآية بقوله كَذلِكَ
يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ.
إذن فالهدف الأساسي هو خلاصكم و نجاتكم و هدايتكم إلى سبل الأمن و السلام، و
حيث إن في ذلك مصلحتكم فإن عليكم أن تعيروا ما بيناه لكم مزيدا من الاهتمام، و
مزيدا من العناية.
دور الاتحاد في بقاء الأمم
رغم كلّ ما قيل عن أهمية الاتحاد و آثاره العظيمة في التقدّم الاجتماعي عند
الشعوب و الأمم فإن من الممكن القول و الادعاء بأن الآثار الواقعية لهذه المسألة
لا تزال مجهولة، و غير معروفة كما ينبغي.
إن العالم يشهد اليوم سدودا كثيرة و كبيرة أقيمت في مختلف المناطق، و قد أصبحت
منشأ لإنتاج أضخم القوى الصناعية، فقد استطاعت هذه السدود بفضل ما