الشعب الممزق الجاهل ما كان ليتيسر في سنوات قليلة بالطرق و الوسائل العادية.
اعتراف العلماء و المؤرخين:
و قد كانت أهمية هذا الموضوع (أي وحدة القبائل العربية المتباغضة بفضل
الإسلام) إلى درجة أنها لم تخف على العلماء و المؤرخين، حتّى غير المسلمين منهم،
فقد اتفق الجميع في الإعجاب بهذه المسألة، و إظهارها في كتاباتهم، و ها نحن نذكر
نماذج من ذلك:
يقول «جان ديون پورت» العالم الإنجليزي المشهور: «لقد حول محمّد العربي
البسيط، القبائل المتفرقة و الجائعة، الفقيرة في بلدة إلى مجتمع متماسك منظم،
امتازت، فيما بعد- بين جميع شعوب الأرض بصفات و أخلاق عظيمة و جديدة، و استطاع في
أقل من ثلاثين عاما و بهذا الطريق أن يتغلب على الامبراطورية الرومانية، و يقضي
على ملوك إيران، و يستولي على سوريا و بلاد ما بين النهرين، و تمتد فتوحاته إلى
المحيط الأطلسي و شواطئ بحر الخزر و حتى نهر سيحان (في جنوب شرقي آسيا الوسطى) [1].
و يقول توماس كارليل: «لقد أخرج اللّه العرب بالإسلام من الظلمات إلى النور و
أحيى به منها أمة خاملة لا يسمع لها صوت و لا يحس فيها حركة حتّى صار الخمول شهرة،
و الغموض نباهة، و الضعة رفعة، و الضعف قوّة، و الشرارة حريقا، و شمل نوره
الأنحاء، و عم ضوؤه الأرجاء و ما هو إلّا قرن بعد إعلان هذا الدين حتّى أصبح له
قدم في الهند، و أخرى في الأندلس، و عم نوره و نبله و هداه نصف المعمورة» [2].
[1]- من كتاب عذر تقصير به پيشگاه
محمّد و قرآن (بالفارسية) ص 77.
[2]- الإسلام و العلم الحديث ص 33، و
المخططات الاستعمارية لمكافحة الإسلام للصواف ص 38.