و التقوى» و منهم من فسّره بأن معناه «الأجر الجميل».
غير أن المستفاد من موارد استعمال هذه اللفظة في آيات الكتاب العزيز نفسه هو:
أن لكلمة «البر» معنى واسعا يشمل كلّ أنواع الخير إيمانا كان أو أعمالا صالحة، كما
أن المستفاد من الآية 177 من سورة البقرة هو اعتبار «الإيمان باللّه و اليوم
الآخر، و الأنبياء، و إعانة المحتاجين، و الصلاة، و الصيام، و الوفاء، و الاستقامة
في البأساء و الضراء» جميعها من شعب البر و مصاديقه.
و على هذا فإن للوصول إلى مراتب الأبرار الحقيقيين شروطا عديدة، منها:
لإنفاق ممّا يحبه الإنسان من الأموال، لأن الحبّ الواقعي للّه، و التعلّق
بالقيم الأخلاقية و الإنسانية إنما يتضح و يثبت إذا انتهى المرء إلى مفترق طريقين،
و واجه خيارين لا ثالث لهما، و يقع في أحد الجانبين الثروة، أو المنصب، و المكانة
المحببة لديه، و في الجانب الآخر رضا اللّه و الحقيقة و العواطف الإنسانية و فعل
الخير، و يتعين عليه أن يختار أحدهما و يضحي بالآخر، و يتغاضى عنه.
فإذا غض نظره عن الأول لحساب الثاني أثبت صدق نيته، و برهن على حبه، و على
واقعيته في ولائه و انتمائه.
و إذا اقتصر- في هذا السبيل- على إنفاق الحقير القليل، و بذل ما لا يحبه و
يهواه، فإنه يكون بذلك قد برهن على قصوره في الإيمان و المحبة، و التعلّق المعنوي
عن تلك المرتبة السامية، و أنه ليس إلّا بنفس الدرجة التي أظهرها في سلوكه و عطائه
لا أكثر، و هذا هو المقياس الطبيعي و المنطقي لتقييم الشخصية، و معرفة مستوى
الإيمان لدى الإنسان، و مدى تجذره في ضميره.
تأثير القرآن في قلوب المسلمين:
لقد كان لآيات الكتاب العزيز تأثير بالغ و نفوذ سريع في أفئدة المسلمين