«اللعن» في الأصل الطرد و الإبعاد على
سبيل السخط، من هنا فلعن اللّه هو إبعاد الشخص عن رحمته، أمّا لعن الملائكة و
الناس فقد يكون السخط و الطرد المعنوي، و قد يكون الطلب من اللّه تعالى بابعادهم
عن رحمته. هؤلاء الأشخاص يكونون في الواقع غارقين في الفساد و الإثم إلى درجة
أنّهم يصبحون مورد استنكار كلّ عاقل هادف في العالم، من البشر كان أم من الملائكة.
خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَ لا
هُمْ يُنْظَرُونَ.
تضيف الآية هنا أنّهم فضلا عن كونهم موضع لعن عام، فإنّهم سيبقون في هذا اللعن
إلى الأبد، فهم في الواقع كالشيطان الخالد في اللعن الأبدي.
و لا شكّ أنّ نتيجة ذلك هو أن يكونوا في عذاب شديد و دائم بغير تخفيف و لا
إمهال.
و في آخر آية تفتح طريق العودة أمام هؤلاء الأفراد، و تدعوهم للتوبة، لأن هدف
القرآن هو الإصلاح و التربية، و من أهم الطرق لذلك هو فتح باب العودة للمذنبين و
الملوثين كيما تتاح لهم الفرصة لجبران ما فرط منهم، فتقول:
إنّ هذه الآية مثل الكثير من آيات القرآن، و بعد الإشارة إلى التوبة- تشير إلى
التكفير عن الذنوب السابقة و بجملة «و أصلحوا» تبيّن أنّ التوبة لا تعني مجرّد
الندم على ما مضى و العزم على تجنّب ارتكاب الذنوب في المستقبل، بل شرط قبولها هو
أن يمحو التائب بأعماله الصالحة في المستقبل جميع أعماله القبيحة الماضية.
لذلك نجد في كثير من الآيات انّ التوبة يرافقها العمل الصالح، مثل: إِلَّا مَنْ تابَ (وَ آمَنَ) وَ عَمِلَ صالِحاً[1] و إلّا فإنّ
التوبة لن تكون كاملة. فهؤلاء إن فعلوا ذلك نالوا رحمة اللّه و مغفرته فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.