(و لعلّهم ظنّوا أن مخالفة الرسول صلى
اللّه عليه و آله و سلّم لالوهية المسيح عليه السّلام لأنه ليس له نصيب من ذلك،
فلو أنهم رفعوا منزلته إلى مستوى الإله كما هو الحال بالنسبة إلى المسيح عليه
السّلام لترك الخلاف معهم، و لعلّ هذا الاقتراح يستبطن مؤامرة دبّرت لتلويث سمعة
النبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم و دفع الأنظار عنه) و لكن
النبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم قال: معاذ اللّه أن أعبد غير اللّه أو آمر بعبادة غير اللّه، ما بذلك بعثني، و لا
بذلك أمرني، فأنزل اللّه الآية.
التّفسير
الدعوة إلى عبادة غير اللّه مستحيلة:
سبق أن قلنا إنّ واحدة من عادات أهل الكتاب القبيحة- اليهود و النصارى- كانت
تزييف الحقائق. من ذلك قولهم بألوهية عيسى، زاعمين أنّه هو الذي أمرهم بذلك، و كان
هذا ما يريد بعضهم أن يحقّقه بشأن رسول الإسلام أيضا، للأسباب التي ذكرناها في
نزول الآية.
إنّ الآية ردّ حاسم على جميع الذين كانوا يقترحون عبادة الأنبياء. تقول الآية:
ليس لكم أن تعبدوا نبيّ الإسلام و لا أيّ نبي آخر و لا الملائكة. و يخطئ من يقول
إنّ عيسى قد دعاهم إلى عبادته.
الآية تنفي نفيا مطلقا هذا الأمر. أي أنّ الذين أرسلهم اللّه و أتاهم العلم و
الحكمة لا يمكن- في أيّة مرحلة من المراحل- أن يتعدّوا حدود العبودية للّه. بل إنّ
رسل اللّه هم أسرع خضوعا له من سائر الناس، لذلك فهم لا يمكن أن يخرجوا عن طريق
العبودية و التوحيد و يجرّوا الناس إلى هوة الشرك.