على حكم الرسول صلى اللّه عليه و آله و سلّم و أنكروا أن يكون في اليهود مثل
هذا العقاب.
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم «بيني و بينكم التوراة» فوافقوا، و استدعوا «ابن صوريا» أحد علمائهم، من فدك
إلى المدينة، و عند وصوله عرفه النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم و سأله: أ أنت
ابن صوريا؟ قال: نعم. فقال: أ أنت أعلم علماء اليهود؟ قال: هكذا يحسبونني، فأمر
رسول اللّه أن يفتحوا أمامه التوراة حيث ذكر الرجم ليقرأه، و لكنّه لمّا كان
مطّلعا على تفاصيل الحادث قرأ جانبا من التوراة، و عند ما وصل إلى عبارة الرجم وضع
يده عليها و تخطّاها و لم يقرأها و قرأ ما بعدها. فأدرك «عبد اللّه بن سلام»- الذي
كان من علماء اليهود ثمّ أسلم- مكر ابن صوريا و قام إليه و رفع يده عن الآية و قرأ
ما كان قد أخفاه بيده، قائلا: تقول التوراة: على اليهود، إذا ثبت زنا المحصن
بالمحصنة رجما. فأمر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم أن ينفّذ العقاب
بحقّهما بموجب شريعتهم. فغضب بعض اليهود، فنزلت هذه الآية بحقّهم [1].
التّفسير
هذه الآيات تصرّح ببعض تحريفات أهل الكتاب الذين كانوا يتوسّلون بالتبريرات و
الأسباب الواهية لتفادي إجراء حدود اللّه، مع أنّ كتابهم كان صريحا في بيان حكم
اللّه بغير إبهام، و قد دعوا للخضوع للحكم الموجود في كتابهم أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ
الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ.
و لكن عصيانهم كان ظاهرا و مصحوبا بالإعراض و الطغيان و اتّخاذ موقف المعارض
لأحكام اللّه: ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَ
هُمْ مُعْرِضُونَ.
[1]- في التوراة الموجودة حاليّا، في
سفر اللاويّين في الفصل العشرين، الجملة العاشرة نقرأ ما يلي: «إذا زنا أحد بامرأة
غيره، أي بامرأة جاره (مثلا) يجب قتل الزاني و الزانية». على الرغم من أنّ الرجم
نفسه لم يرد، فقد ورد العقاب بالموت، و ربما يكون التصريح بالرجم قد ورد في النسخة
التي كانت موجودة على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم.