إحدى و سبعين سنة! و من أجل أن يلجمهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم
تساءل و قال ما معناه:
لماذا حسبتم «ألم» وحدها؟ أ لم تروا أنّ في القرآن «المص» و «الر» و نظائرها
من الحروف المقطّعة، فإذا كانت هذه الحروف تدلّ على مدّة بقاء أمّتي، فلما ذا لا
تحسبونها كلّها؟ (مع أنّ القصد من هذه الحروف أمر آخر) و عندئذ نزلت هذه الآية.
في تفسير «في ظلال القرآن» سبب نزول آخر ينسجم من حيث النتيجة مع سبب النزول
المذكور، و هو أنّ جمعا من نصارى نجران جاؤوا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله
و سلّم متذرّعين بقول القرآن «كلمة اللّه و روحه» بشأن المسيح عليه السّلام في
محاولة منهم لاستغلالها بخصوص مسألة «التثليث» و «ألوهيّة» المسيح، متجاهلين كلّ
الآيات الأخرى الصريحة في عدم وجود شريك أو شبيه للّه إطلاقا، فنزلت الآية
المذكورة تردّ عليهم.
التّفسير
المحكم و المتشابه في القرآن:
تقدّم في الآيات السابقة الحديث عن نزول القرآن بعنوان أحد الدلائل الواضحة و
المعجزات البيّنة لنبوّة الرسول صلى اللّه عليه و آله و سلّم، ففي هذه الآية تذكر
أحد مختصّات القرآن و كيفيّة بيان هذا الكتاب السماوي العظيم للمواضيع و المطالب
فيقول في البداية: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ
مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ.
أي آيات صريحة و واضحة و التي تعتبر الأساس و الأصل لهذا الكتاب السماوي هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ، ثمّ أنّ هناك آيات أخرى غامضة بسبب علوّ مفاهيمها و عمق معارفها أو لجهات
اخرى وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ.
هذه الآيات المتشابهة إنّما ذكرت لاختبار العلماء الحقيقيّين و تميزهم عن
الأشخاص المعاندين اللجوجين الذين يطلبون الفتنة، فلذلك تضيف الآية: