رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا.
لمّا كان المؤمنون يعرفون أنّ مصيرهم يتحدّد بما كسبت أيديهم من أعمال صالحة
أو سيئة بموجب قانون «لها ما كسبت و عليها ما اكتسبت» لذلك يتضرّعون و يخاطبون
اللّه بلفظ «الرب» الذي يوحي بمعاني اللطف في النشأة و التربية قائلين: إذا كنّا
قد أذنبنا بسبب النسيان أو الخطأ، فاغفر لنا ذنوبنا برحمتك الواسعة و جنّبنا
العقاب.
العقاب على النسيان و الخطأ:
لماذا الدعاء لأن يغفر اللّه الذنوب المرتكبة نسيانا أو خطأ؟
فهل اللّه يعاقب على مثل هذه الذنوب؟
في الجواب لا بدّ من القول بأنّ النسيان يكون أحيانا من باب التماهل و التساهل
من جانب الإنسان نفسه. بديهيّ أنّ هذا النوع من النسيان لا يضع المسؤولية عن
الإنسان، كما جاء في القرآن.
فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا[1] و عليه فإنّ
النسيان الناشئ عن التساهل يوجب العقاب.
ثمّ لا بدّ من ملاحظة أنّ هناك فرقا بين النسيان و الخطأ. فالخطأ يقال عادة في
الأمور التي تقع لغفلة من الإنسان و عدم انتباه منه، كأن يطلق رصاصة ليصيد صيدا
فتصيب رصاصته إنسانا فتجرحه. أمّا النسيان فهو أن يتّجه الإنسان للقيام بعمل ما و
لكنّه ينسى كيف يقوم بذلك، كأن يعاقب المرء إنسانا برئيا ظنّا منه أنّه المذنب،
لنسيانه مميّزات المذنب الحقيقي.