هذه الآية تبيّن منطق المرابين فهم يقولون: ما الفرق بين التجارة و الربا؟
و يقصدون أنّ كليهما يمثّلان معاملة تبادل بتراضي الطرفين و اختيارهما.
يقول القرآن جوابا على ذلك: وَ أَحَلَّ
اللَّهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبا و لم يزد في
ذلك شرحا و تفصيلا، ربما لوضوح الاختلاف:
فأوّلا: في صفقة البيع و الشراء يكون كلا الطرفين متساويين بإزاء الربح و
الخسارة، فقد يربح كلاهما، و قد يخسر كلاهما، و مرّة يربح هذا و يخسر ذاك، و مرّة
يخسر هذا و يربح ذاك، بينما في المعاملة الربوية لا يتحمّل المرابي أيّة خسارة،
فكلّ الخسائر المحتملة يتحمّل ثقلها الطرف الآخر، و لذلك نرى المؤسّسات الربوية
تتوسّع يوما فيوما، و يكبر رأس مالها بقدر اضمحلال و تلاشي الطبقات الضعيفة.
و ثانيا: في التجارة و البيع و الشراء يسير الطرفان في «الإنتاج و الاستهلاك»،
بينما المرابي لا يخطو أيّة خطوة إيجابية في هذا المجال.
و ثالثا: بشيوع الربا تجري رؤوس الأموال مجرى غير سليم و تتزعزع قواعد
الإقتصاد الذي هو أساس المجتمع، بينما التجارة السليمة تجري فيها رؤوس الأموال في
تداول سليم.
و رابعا: الربا يتسبّب في المخاصمات و المنازعات الطبقية، بينما التجارة
السليمة لا تجرّ المجتمع إلى المشاحنات و الصراع الطبقي.