أنّ مسألة اطلاق سراح سجين و قتل آخر لا علاقة له بقضيّة الإحياء و الإماتة
الطبيعيتين أبدا، و لكن قد يكون هذا الدليل غير كاف لأمثال هؤلاء السذّج، و يحتمل
وقوعهم تحت تأثير سفسطة ذلك الجبّار المكّار، فلهذا قدّم إبراهيم عليه السّلام
دليله الآخر و هو مسألة طلوع و غروب الشمس لكي يتضح الحق للجميع [1].
و ما أحسن ما صنع إبراهيم عليه السّلام من تقديمه مسألة الحياة و الموت كدليل
على المطلوب حتّى يدّعي ذلك الجبّار مشاركة اللّه تعالى في تدبير العالم، ثمّ طرح
مسألة طلوع و غروب الشمس بعد ذلك ليتّضح زيف دعواه و يحجم عن دعوى المشاركة.
و يتّضح ضمنا من جملة وَ اللَّهُ
لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ أنّ الهداية و
الضلالة بالرغم من أنّهما من أفعال اللّه تعالى، إلّا أنّ مقدّماتهما بيد العباد،
فارتكاب الآثام من قبيل الظلم و الجور و المعاصي المختلفة تشكّل على القلب و
البصيرة حجب مظلمة تمنع من أدراك الحقائق على حقيقتها.
ملاحظات
1- القرآن لا يذكر اسم هذا الشخص الذي حاجّ إبراهيم، و يشير إليه بقوله:
أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ أي أنّه لغروره بحكمه قام بمحاجة إبراهيم.
صاحب تفسير الدرّ المنثور نقل عن أمير المؤمنين علي عليه السّلام رواية تذكر
أنّه «النمرود بن كنعان» و كتب التاريخ تذكر هذا الاسم أيضا.
2- على الرغم من عدم تعرّض القرآن لذكر وقت هذا الحوار، فالقرائن تدلّ
[1]- إن الاستدلال الثاني يبدأ بإلغاء
و قد يكون إشارة إلى أن الاستدلال الثاني لا يعني صرف النظر عن الاستدلال الأوّل
بل تضاف إليه.