بروح القدس فلأنّه كان يتمتّع بسهم أوفر من سائر الأنبياء من هذه الرّوح
المقدّسة.
و تشير الآية كذلك إلى وضع الأمم و الأقوام السالفة بعد الأنبياء و الاختلافات
التي جرت بينهم فتقول: وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ
مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ فمقام الأنبياء و عظمتهم لن يمنعا من حصول الاختلافات و
الاقتتال و الحرب بين أتباعهم لأنّها سنّة إلهيّة أن جعل اللّه الإنسان حرّا و
لكنّه أساء الاستفادة من هذه الحريّة وَ لكِنِ
اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ.
و من الواضح أنّ هذا الاختلاف بين الناس ناشئ من اتّباع الأهواء و الشّهوات و
إلّا فليس هناك أيّ صراع و اختلاف بين الأنبياء الإلهيّين حيث كانوا يتّبعون هدفا
واحدا.
ثمّ تؤكّد الآية أنّ اللّه تعالى قادر على منع الاختلافات بين النّاس بالإرادة
التكوينيّة و بالجبر، و لكنّه يفعل ما يريد وفق الحكمة المنسجمة مع تكامل الإنسان
و لذلك تركه مختارا وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ
مَا اقْتَتَلُوا وَ لكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ.
و لا شكّ في أنّ بعض الناس أساء استخدام هذه الحريّة، و لكنّ وجود الحريّة في
المجموع يعتبر ضروريّا لتكامل الإنسان، لأنّ التكامل الإجباري لا يعدّ تكاملا.
و ضمنا يستفاد من هذه الآية الّتي تعرّضت إلى مسألة الجبر مرّة اخرى بطلان
الإعتقاد بالجبر، حيث تثبت أنّ اللّه تعالى ترك الإنسان حرّا فبعض آمن و بعض كفر.
مسألة: هل الأديان تسبّب الاختلافات؟
يتّهم بعض الكتّاب الغربيين الأديان على أنّها هي سبب التفرقة و النزاع بين
أفراد البشر، و هي السبب في إراقة الكثير من الدماء، فالتاريخ شهد الكثير من