إنّ الغيبة كسائر الصفات الذميمة تتحوّل تدريجا إلى صورة مرض نفسي بحيث يلتذ
المغتاب من فعله و يحس بالاغتباط و الرضا عند ما يريق ماء وجه فلان، و هذه مرتبة
من مراتب المرض القلبي الخطير جدا.
و من هنا فينبغي على المغتاب أن يسعى إلى علاج البواعث الداخلية للاغتياب التي
تكمن في أعماق روحه و تحضّه على هذا الذنب، من قبيل البخل و الحسد و الحقد و
العداوة و الاستعلاء و الأنانية! فعليه أن يطهّر نفسه عن طريق بناء الشخصية و
التفكير في العواقب السيئة لهذه الصفات الذميمة و ما ينتج عنها من نتائج مشؤومة، و
يغسل قلبه عن طريق الرياضة النفسية ليستطيع أن يحفظ لسانه من التلوّث بالغيبة.
ثمّ يتوجّه إلى مقام التوبة، و حيث أنّ التوبة من الغيبة فيها «جنبة» حق
الناس، فإنّ عليه إذا كان ممكنا و لا يحصل له أيّ مشكل أو معضل- أن يعتذر ممّن
اغتابه حتى و لو بصورة مجملة أو معمّاة كأن يقول: إنّني أغتابك أحيانا لجهلي
فسامحني و اعف عني و لا يطيل في بيان الغيبة و شرحها لئلّا يحدث عامل آخر للفساد
أو الإفساد! و إذا لم يستطع الوصول إلى الطرف الآخر، أو لا يعرفه، أو أنّه مضى إلى
ربّه فيستغفر له و يعمل صالحا، فلعلّ اللَّه يغفر له ببركة العمل الصالح و يرضي
عنه الطرف الآخر.
6- موارد الاستثناء! و آخر ما ينبغي ذكره في شأن الغيبة أنّ قانون الغيبة كأي
قانون آخر له استثناءات، من جملتها أنّه يتفق أحيانا في مقام «الاستشارة» مثلا
لانتخاب الزوج أو الشريك في الكسب و ما إلى ذلك أن يسأل إنسان أنسانا آخر،
فالأمانة في