في المجتمع فإنّ سمعة و كرامة الأفراد في ذلك المجتمع تكون مضمونة من جميع
الجهات، فلا يستطيع أحد أن يسخر من الآخرين- على أنه أفضل- و لا يمدّ لسانه باللمز،
و لا يستطيع أن يهتك حرمتهم باستعمال الألقاب القبيحة و لا يحقّ له حتى أن يسيء
الظن بهم، و لا يتجسس عن حياة الأفراد الخاصة و لا يكشف عيوبهم الخفية
(باغتيابهم).
و بتعبير آخر إنّ للإنسان رؤوس أموال أربعة و يجب أن تحفظ جميعا في حصن هذا
القانون و هي: «النفس و المال و الناموس و ماء الوجه».
و التعابير الواردة في الآيتين محل البحث و الروايات الإسلامية تدل على أنّ
ماء وجه الأفراد كأنفسهم و أموالهم بل هو أهم من بعض الجهات.
الإسلام يريد أن يحكم المجتمع أمن مطلق، و لا يكتفي بأن يكفّ الناس عن ضرب
بعضهم بعضا فحسب، بل أسمى من ذلك بأن يكونوا آمنين من ألسنتهم، بل و أرقى من ذلك
أن يكونوا آمنين من تفكيرهم و ظنّهم أيضا ... و أن يحسّ كل منهم أنّ الآخر لا
يرشقه بنبال الاتهامات في منطقة أفكاره.
و هذا الأمن في أعلى مستوى و لا يمكن تحقّقه إلّا في مجتمع رسالي مؤمن.
يقول النّبي صلى اللَّه عليه و آله و سلّم في هذا الصدد: «إنّ اللَّه حرّم من المسلم دمه و ماله و عرضه و أن يظنّ به السوء» [1].
إنّ سوء الظن لا أنّه يؤثر على الطرف المقابل و يسقط حيثيّته فحسب، بل هو بلاء
عظيم على صاحبه لأنّه يكون سببا لإبعاده عن التعاون مع الناس و يخلق له عالما من
الوحشة و الغربة و الانزواء كما
ورد في حديث عن أمير المؤمنين علي عليه السّلام أنّه قال: «من لم يحسن ظنّه استوحش من كلّ أحد» [2].
و بتعبير آخر، إنّ ما يفصل حياة الإنسان عن الحيوان و يمنحها الحركة و الرونق