يكون ذكر كلمة «الحقّ» بعد كلمة «الملك»، هو أنّ الناس ينظرون إلى الملك
بمنظار سيء و تتداعى في أذهانهم صور الظلم و الطغيان و الجور و الاستعلاء و
التجبّر التي تكون في الملوك غالبا، و لذا فإنّ الآية تصف اللّه الملك سبحانه
مباشرة ب «الحقّ».
و بما أنّ النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلم كان يعجّل في إبلاغ الوحي و ما
ينزل به من القرآن لاهتمامه به و تعشّقه أن يحفظه المسلمون و يستظهروه، و لم
يتمهّل أن يتمّ جبرئيل ما يلقيه عليه من الوحي فيبلغه عنه، فإنّ الآية محلّ البحث
تذكّره بأنّ يتمهّل فتقول: وَ لا
تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَ قُلْ رَبِّ
زِدْنِي عِلْماً.
و يستشفّ من بعض آيات القرآن الأخرى أنّ النّبي صلى اللّه عليه و آله و سلم
كانت تنتابه حالة نفسيّة خاصّة من الشوق عند نزول الوحي، فكانت سببا في تعجّله كما
في قوله تعالى: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ
بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ
قُرْآنَهُ[1].
بحثان
1- لا تعجل حتّى في تلقّي الوحي!
لقد تضمّنت الآيات الأخيرة دروسا تعليميّة، و من جملتها النهي عن العجلة عند
تلقّي الوحي، و كثيرا ما لوحظ بعض المستمعين يقفون كلام المتحدّث أو يكملونه قبل
أن يتمّه هو، و هذا الأمر ناشئ عن قلّة الصبر أحيانا، أو ناشئ عن الغرور و إثبات
وجود أيضا، و قد يكون العشق و التعلّق الشديدة بشيء يدفع الإنسان- أحيانا- إلى
هذا العمل، و في هذه الحالة ينبعث عن حافر مقدّس، غير أنّ هذا الفعل نفسه- أي
العجلة- قد يحدث مشاكل أحيانا، و لذلك فقد نهت الآيات