يستنتج من آيات القرآن أنّ معظم مخالفة المنكرين للمعاد يدور حول مسألة المعاد
الجسماني، و دهشتهم من عودة الروح و الحياة ثانية إلى الإنسان بعد أن يصير ترابا،
من هنا عدّدت الآيات معالم قدرة اللّه في عالم الوجود، و أكّدت خلقه لكلّ شيء من
عدم، ليؤمنوا بالحياة بعد الموت، و تزول استحالتها من تصوّرهم.
و بحثت هذه الآيات هذه المسألة من خلال بيان قدرة اللّه على الأرض و سكّانها.
و قدرته على السموات و العرش العظيم، و قدرته على إدارة عالم الخلق و النشر، و هذه
السبل الثلاثة مصاديق لمفهوم واحد. و يحتمل أيضا أنّ كلا من هذه الأبحاث الثلاثة
يشير إلى وجهة نظر المنكرين للمعاد، فلو كان إنكاركم للمعاد يعود إلى أنّ العظام
البالية قد خرجت من دائرة حكومة اللّه و ملكيّته، فهذا خطأ، لأنّكم تعترفون أنّ
اللّه تعالى هو مالك الأرض و من عليها.
و إنّ كان إنكاركم لأنّ بعث الأموات يحتاج إلى إله مقتدر، فأنتم تعترفون بأنّ
اللّه ربّ السماوات و العرش.
و إن كان جحودكم أنّكم في شكّ من تدبير العالم بعد الحياة الجديدة و بعد بعث
الأموات، فهو أيضا في غير مورده، لأنّكم قبلتم تدبيره و اعترفتم بقدرته على إدارة
عالم الوجود، و جوار من لا جار له (أي كلّ الموجودات) حيث يتكفّل برعايتها و تدبير
أمورها، فعلى هذا لا مجال لإنكاركم أيضا. و إجابة الكفّار في الحالات الثلاث بشكل
منسجم موحّد سَيَقُولُونَ لِلَّهِ تؤكّد التّفسير الأوّل.
3- اختلاف نهايات الآيات
و الجدير بالاهتمام هو أنّه بعد السؤال الأوّل و إجابته جاءت عبارة:
أَ فَلا تَذَكَّرُونَ.
و بعد السؤال الثّاني و إجابته جاءت عبارة أَ فَلا تَتَّقُونَ.