فرغم كلّ ما أغدق اللّه على الإنسان من أنعم في الأرض و السّماء، في الجسم و
الروح، لا يحمده و لا يشكره عليها، بل يكفر بكلّ هذه النعم. و مع أنّه يرى كلّ
الدلائل الواضحة و البراهين المؤكدة لوجود اللّه تبارك و تعالى، و الشاهدة بفضله
عليه و إحسانه إليه ينكر ذلك. فما أظلمه و أجهله!
ملاحظات
1- الصفات الخاصّة باللّه:
بيّنت الآيات السالفة الذكر و الآيتان اللتان سبقتها، أربع عشرة صفة من صفات
اللّه (في نهاية كلّ آية جاء ذكر صفتين من صفات اللّه) العليم و الحليم- العفو و
الغفور- السميع و البصير- العلي و الكبير- اللطيف و الخبير- الغني و الحميد-
الرؤوف و الرحيم. و كلّ صفة تكمل ما يقترن بها. و تنسجم معها و تتناسب مع البحث
الذي تناولته الآية، كما مرّ سابقا.
2- الآيات تدلّ على توحيد اللّه و على المعاد
إنّ الآيات السابقة، مثلما هي دليل على قدرة اللّه تعالى و تأكيد لما وعد من
نصر لعباده المؤمنين، و شاهد على حقّانيته المقدّسة التي استندت الآيات السالفة
الذكر إليها، فهي دليل على توحيد اللّه و على المعاد، فإحياء الأرض بالمطر بعد
موتها، و نموّ النبات فيها، و كذلك حياة الإنسان و موته شاهد على البعث و النشور.
و معظم الآيات عرضت هذه الأدّلة في البرهنة على حقيقة المعاد يوم القيامة.
و قوله تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ تأكيد على إصرار المعاندين على الكفر، ففي صيغة المبالغة
«كفور» دلالة على هذا العناد، فهذا الإنسان منكر لفضل ربّه مع مشاهدته لآياته
العظيمة، و مصرّ على الانحراف عن هداه و نور رحمته الواسعة.