عبارة «رزق كريم» (مع ملاحظة أنّ كلمة «كريم» تطلق على أي موجود شريف و ثمين)
ذات مفهوم واسع يضمّ جميع الأنعم المادية و المعنوية.
أجل، إنّ اللّه الكريم يمنّ على عباده المؤمنين الصالحين بأنواع من الرزق
الكريم في تلك المنازل الكريمة، يقول الراغب الاصفهاني في مفرداته: لا يقال الكرم
إلّا في المحاسن، كمن ينفق مالا في تجهيز جيش في سبيل اللّه، أو تحمّل حمالة ترقئ
دماء قوم. فعلى هذا لا يطلق الكرم على الإحسان الجزئي.
و فسّر البعض الرزق الكريم بالرزق الدائم الذي لا عيب و لا نقص فيه.
و قال آخرون: إنّه الرزق الذي يليق بالمؤمنين الصالحين، و لا يخفى أنّ المراد
من ذلك شامل و يضمّ جميع هذه المعاني. و أضافت الآية السابقة وَ الَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ
أَصْحابُ الْجَحِيمِ أي إنّ الذين حاولوا تخريب
الآيات الإلهيّة و محوها، و كانوا يعتقدون بأنّ لهم القدرة على مغالبة إرادة اللّه
المطلقة، فهم أصحاب الجحيم [1].
«جحيم» من مادّة «جحم» بمعنى شدّة
توقّد النّار، و تقال كذلك لشدّة الغضب، فعلى هذا تطلق كلمة (الجحيم) على المكان
المشتعل بالنيران، و هي هنا تشير إلى نار الآخرة.
[1]- «سعوا» مشتقّة من «السعي» و تعني
في الأساس الهرولة، و هنا المحاولة في تخريب الآيات الإلهية و محوها. أمّا
«المعاجزون» فمتشقّة من «العجز» و تعني هنا الذي يحاول الغلبة على قدرة اللّه غير
المحدودة.
و تصوّر بعض المفسّرين أنّ هذا الاحتمال لا يمكنه أن يكون لأي أحد يريد تعجيز
اللّه و قهر إرادته، و على هذا فإنّ كلمة «المعاجزين» نسبوها إلى النّبي و
المؤمنين. في الوقت الذي استخدم هذا التعبير في آيات قرآنية أخرى للّه، سورة الجن
الآيات (12) و التوبة الآية (2 و 3) و تعني عمل شخص يتظاهر بقدرته ليس إلّا.