السّاحر لا
يستطيع أن يقوم بالعمل الخارق وفق اقتراح الناس، إلّا أن يكون ذلك الاقتراح مطابقا
لما تمرّن عليه (و أحيانا يتفقون مع أصدقائهم بأن ينهضوا من بين الناس و يقترحوا
ابتداء القيام بالعمل المتفق عليه سابقا) إلّا أنّ الأنبياء كانوا يقومون مرارا و
تكرارا بمعاجز مهمّة كان يطلبها أناس يبتغون الحقّ دعما للنبوّة و دليلا على
صحتها، كما سنلاحظ ذلك أيضا في قصّة موسى هذه.
و مع ما مرّ،
فإنّ السحر لما كان عملا منحرفا، و نوعا من الخدعة و المكر، فإنّه يحتاج إلى وضع
روحي ينسجم معه، و السّحرة- بدون استثناء- أفراد خدّاعون ماكرون يمكن معرفتهم
بسرعة من خلال مطالعة نفسياتهم، في حين أنّ إخلاص و طهارة و صدق الأنبياء عليهم
السّلام أمور مقرونة بمعاجزهم، و تضاعف من تأثيرها.
(دقّقوا ذلك).
و ربّما لهذه
الأسباب تقول الآية: وَ لا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى
لأنّ قوّته محدودة، و أفكاره و صفاته منحرفة.
إنّ هذا
الموضوع لا يختص بالسّحرة الذين هبّوا لمحاربة الأنبياء، بل هو صادق في شأن
السّحرة بصورة عامّة، لأنّهم سوف يفتضحون بسرعة، و لا يفلحون في عملهم.