يكون من العسير تشخيصها، إلّا المؤمنين المتوكّلين على اللّه و المشمولين
برحمته و حمايته: إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ[1].
و لا بدّ من الانتباه إلى أنّ كلمة الشيطان تستبطن التمرّد و العناد و البعد
عن كلّ خير و بركة. إلّا أنّ ذكر كلمة «مريد» (الفاقد لكلّ خير و سعادة) بعد كلمة
الشيطان مباشرة، هو تأكيد لتوضيح مصير من يتّبعه.
واضح أنّ هذه العبارة تعني «الإلزام»، سواء كانت في عالم الخلق أم في عالم
التشريع. إلّا أنّه يجب أن لا نتصوّر أنّها تعني «الجبر» و أنّ الشياطين مجبورون
على إضلال أتباعهم ليرسلوهم إلى دار البوار. بل إنّها نتيجة مؤكّدة لبرنامج
اختاروه بمحض إرادتهم. فإبليس قائد الشياطين و كبيرهم خالف أمر اللّه و عنده بملء
إرادته، حتّى بلغت به الجرأة أن يعترض على ذات اللّه. فهو ضالّ و مضلّ و كذلك سائر
الشياطين من الجنّ و الإنس. و ذلك كما نقول للمدمن على المخدرات: كتب على جبينه
سوء الطالع و التعاسة، فهل يعني ذلك جبرا؟!
[2]- قال البعض: إنّ ضمير «عليه» يعود
إلى الشيطان، و قال آخرون: إنّه يعود إلى اتّباع الشيطان. كما يستنتج ذلك من عبارة
«و من الناس» أيضا، إلّا أنّ ظاهره يؤكّد أنّه يعود إلى الشيطان، لا سيّما و أنّ
الضمير المتّصل ب «من تولّاه» يعود إلى الشيطان أيضا.