في حديث عن الإمام الصادق عليه السّلام أنّ رجلا سأله: ما طعم الماء؟ فقال الإمام أوّلا: «سل تفقّها و لا تسأل
تعنّتا» ثمّ أضاف: «طعم الماء طعم الحياة! قال اللّه سبحانه: وَ جَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ.
و خاصة عند ما يصل الإنسان إلى الماء السائغ بعد عطش طويل في الصيف، و في ذلك
الهواء المحرق، فإنّه حينما تدخل أوّل جرعة ماء إلى جوفه يشعر أنّ الروح قد دبّت
في بدنه، و في الواقع أراد الإمام أن يجسّد الارتباط و العلاقة بين الحياة و الماء
بهذا التعبير الجميل.
و أشارت الآية التالية إلى جانب آخر من آيات التوحيد و نعم اللّه الكبيرة،
فقالت: وَ جَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ
تَمِيدَ بِهِمْ[1] و قلنا
فيما مضى: إنّ الجبال كالدرع الذي يحمي الأرض، و هذا هو الذي يمنع- إلى حدّ كبير-
من الزلازل الأرضيّة الشديدة التي تحدث نتيجة ضغط الغازات الداخلية. إضافة إلى أنّ
وضع الجبال هذا يقلّل من حركات القشرة الأرضيّة أمام ظاهرة المدّ و الجزر الناشئة
بواسطة القمر إلى الحدّ الأدنى.
و من جهة أخرى فلو لا الجبال، فإنّ سطح الأرض سيكون معرّضا للرياح القويّة
دائما، و سوف لا تستقرّ على حال أبدا، كما هي حال الصحاري المقفرة المحرقة.
ثمّ أشارت الآية إلى نعمة أخرى، و هي أيضا من آيات عظمة اللّه، فقالت:
و لو لم تكن هذه الوديان و الفجاج، فإنّ سلاسل الجبال العظيمة الموجودة في
المناطق المختلفة من الأرض كانت ستنفصل بعضها عن بعض بحيث ينفصل
[1]- «رواسي» جمع راسية أي الجبال
الثابتة، و لمّا كانت هذه الجبال تتّصل جذورها، فيمكن أن تكون إشارة إلى هذا
الارتباط، و قد ثبت من الناحية العلمية أن لاتصال أصول الجبال أثر عميق في منع
الزلازل الأرضية. «و تميد» من الميد، و هو الهزّة و الحركة غير الموزونة للأشياء
الكبيرة.