في حديث عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السّلام بشأن تفسير الآية وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ
يُنْفِقُونَ يقول: «إنّ معناه و ممّا علّمناهم يبثّون» [1].
بديهي أنّ الرّواية لا تريد أن تجعل الإنفاق مختصا بالعلم، بل إن الإمام
الصادق يريد- بذكر هذا اللون من الإنفاق- أن يوسّع مفهوم الإنفاق كي لا يكون
مقتصرا على الجانب المالي كما يتبادر إلى الأذهان لأول وهلة.
و من هنا يتضح ضمنيا أن الإنفاق المذكور في الآية، لا يقتصر على الزكوات
الواجبة و المستحبة، بل يتسع معناه ليشمل كل مساعدة بلا مقابل.
4- الإيمان بالأنبياء عليهم السّلام:
الخاصية الرابعة للمتّقين الإيمان بجميع الأنبياء و برسالاتهم الإلهية؛ وَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما
أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ. و في هذا التعبير القرآني
إشارة إلى أن المتقين يؤمنون بتوافق دعوة الأنبياء في المبادي و الاسس، بأنهم
جميعا هداة البشرية نحو صراط مستقيم واحد، أحدهم يكمل الشوط الذي قطعه سلفه في
قيادة البشرية نحو كمالها المرسوم. و يؤمنون بأن الأديان الإلهية ليست وسيلة
للتفرقة و النفاق، بل على العكس وسيلة للارتباط و عامل للشّد بين أبناء البشر.
الأشخاص الذين يحملون مثل هذه الرّؤية و مثل هذا الإدراك، يسعون تطهير أرواحهم
من التعصّب، و يؤمنون بما جاء به جميع الأنبياء لهداية البشر و تكاملهم، و يحترمون
كل دعاة و هداة طريق التوحيد.
الإيمان برسالات الأنبياء السابقين، لا يمنع طبعا من انتهاج رسالة خاتم
[1]- مجمع البيان، و نور الثقلين، في
تفسير الآية المذكورة.