من المفسرين من قال: إنّ ثريا من بني إسرائيل لم يكن له وارث سوى ابن عمه،
فطال عمر هذا الثري و لم يطق الوارث مزيدا من الانتظار، فقتله خفية ليحصل على
أمواله، و ألقى جسده في الطريق، ثم بدأ بالصراخ و العويل، و شكا الأمر إلى موسى.
و قال آخرون: إن القاتل أراد أن يتزوج من ابنة القتيل، فرفض ذلك، و زوّج ابنته
إلى أحد أخيار بني إسرائيل. فقعد له و قتله، ثم شكا القاتل الأمر إلى موسى.
و من الممكن أن تشير القصة إلى حقيقة هي: إن كل المفاسد و الجرائم مصدرها في
الغالب أمران: الطمع في المال، و الطمع في الجنس.
4- العبر في هذه القصّة
هذه القصة لها دلالات على قدرة اللّه اللامتناهية، و كذلك على مسألة المعاد، و
لذلك وردت في الآية 73 عبارة كَذلِكَ
يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى إشارة إلى
مسألة المعاد، و عبارة وَ يُرِيكُمْ آياتِهِ تأكيد على قدرة اللّه و عظمته.
إضافة إلى ما سبق، هذه القصة تتحدث عن سنّة من سنن اللّه تعالى، و هي أن
الامّة تستوجب غضب اللّه حين تصرّ على عنادها و لجاجها و استهتارها بكل شيء.
العبارات التي وردت على لسان بني إسرائيل في هذه القصة توضّح أن هؤلاء القوم
بلغوا الذروة في إهانة النّبي، بل و بلغت بهم الجرأة إلى إساءة الأدب تجاه ربّ
العالمين.
في البداية قالوا لنبيّهم: أَ
تَتَّخِذُنا هُزُواً؟ و بذلك اتهموا نبيّهم
بارتكاب ذنب الاستهزاء بالآخرين.
و في مواضع عديدة خاطبوه بعبارة ادْعُ لَنا
رَبَّكَ، و كأن ربّ موسى غير