كانت هذه مقدمات تأهيلية يحتاجها آدم و أبناء آدم في حياتهم الجديدة.
و لعل الفترة التي قضاها آدم في الجنّة أن ينهض بمسؤولية الخلافة على الأرض
كانت تدريبية أو تمرينية.
و هنا رأى «آدم» نفسه أمام أمر إلهي يقضي بعدم الاقتراب من الشجرة، لكن
الشيطان أبى إلّا أن ينفذ بقسمه في إغواء آدم و ذريته، فطفق يوسوس لآدم و يعده و
زوجه- كما يبدو من سائر آيات القرآن الكريم- بالخلود و باتخاذ شكل الملائكة و أقسم
أنه لهما من الناصحين. [1] تقول الآية بعد ذلك:
فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ[2].
نعم. أخرجا من الجنة حيث الراحة و الهدوء و عدم الألم و التعب و العناء، على
أثر وسوسة الشيطان.
و صدر لهما الأمر الإلهي بالهبوط وَ قُلْنَا
اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ، وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَ
مَتاعٌ إِلى حِينٍ.
و هنا، فهم آدم أنه ظلم نفسه، و أخرج من الجوّ الهادي المليء بنعم الجنّة
بسبب استسلامه لوسوسة الشيطان. و هبط في جوّ مفعم بالتعب و المشقة و العناء. مع أن
آدم كان نبيّا و معصوما، فإن اللّه يؤاخذ الأنبياء بترك الأولى- كما سنرى- كما
يؤاخذ باقي الأفراد على ذنوبهم. و هو عقاب شديد تلقاه آدم جرّاء عصيانه.
[2]- مرجع الضمير في «عنها» إمّا أن
يعود على «الجنّة» و يكون معنى «ممّا كانا فيه» في هذه الحالة: من مقامهما الذي
كانا فيه. و إمّا أن يعود على «الشّجرة» فيكون معنى الآية: إن الشيطان أزلهما
بوسيلة الشّجرة، و أخرجهما من الجنّة التي كانا فيها.