الذهنية المسلمة حتى أنّ المسلمين كانوا يستدلون بهذه الآية كدليل على حرمة
التجسّس، فقد ورد في مصادر أهل السنة من قبيل كنز العمال نقلًا عن (ثور الكندي)
حيث يقول: كان عمر بن الخطاب يعسّ في الليل في أزقة المدينة فسمع يوماً صوت رجل
يغني في داخل بيته فما كان من عمر إلّاأن تسلق الجدار فصاح به: يا عدو اللَّه
أحسبت أنّك ترتكب الذنب في خفاء وأنّ اللَّه تعالى لا يراك؟
فقال له ذلك الرجل: لا تعجل يا أميرالمؤمنين، فلو ارتكبت ذنباً واحداً فقد
ارتكبت أنت ثلاثة، فانّ اللَّه تعالى يقول «وَلا تَجَسَّسُوا» وأنت قد تجسّست
علينا، ويقول أيضاً: «وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا» [1]، وأنت تسلقت
الجدار، واللَّه تعالى يقول: «لَاتَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى
تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا» [2]، وأنت دخلت البيت بلا اذن ولا سلام.
فما كان من عمرإلّا أن أطرق أمام هذا الاستدلال المتين ثم قال له: إذا عفوت
عنك فهل تترك ما أنت عليه؟ فقال: نعم، فتركه عمر وذهب [3].
التجسّس في الروايات الإسلامية:
إنّ مسألة التجسّس ذكرت في الروايات الإسلامية من موقع الذم والتقبيح بحيث أنّ
القاريء لهذه الروايات يستنتج أهمية وشناعة هذا العمل والسلوك الأخلاقي الذميم،
ومن ذلك:
1- ما ورد عن رسول اللَّه أنّه قال:
«إِيّاكُم وَالظَّنَّ فَإنَّ الظَّنَّ أَكذَبُ الحَدِيثِ وَلا تَحَسَّسُوا وَلا
تَجَسَّسُوا»[4].