responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاخلاق فى القرآن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 3  صفحه : 224

1- المعطيات الفردية والاجتماعية للوفاء بالعهد

رأينا فيما تقدّم أنّ جميع أشكال التطور العلمي والثقافي والاقتصادي الذي ناله الإنسان إنّما هو وليد الحياة الاجتماعية للبشر، حيث تلتقي تجارب الأفراد وتنظم أفكارهم بعضها إلى بعض وتتلاقح عقولهم وبذلك تتولّد المنتوجات الصناعية المتنوعة وأشكال التمدن والحضارة البشرية في حركة الامم الحضارية.

فلو أنّ أفراد البشر عاشوا متفرّقين كل على إنفراد فعلى فرض أن يكسبوا تجارب في حركة حياتهم الفردية، إلّاأنّهم سوف يذهبون بها معهم إلى القبر، فلا حركة ولا علامة على وجود تحوّل حضاري وتطور علمي في البشرية، ولهذا السبب بالذات فإنّ الإسلام أعطى أهميّة فائقة لتحكيم وتقوية دعائم الحياة الاجتماعية بين الأفراد وتعميق أواصر العلاقات بينهم، ومن المعلوم أنّ كل شي‌ء يؤدّي إلى تقوية هذه العلاقات الاجتماعية، فإنّه مطلوب وممدوح في نظر الإسلام، وكلّ شي‌ء يتسبب في أضعاف هذه العلاقات فإنّه منفور ومذموم.

وبديهي أنّ أول عنصر يتسبب في تقوية هذه الروابط والعلاقات بين أفراد البشر وبالتالي يترتّب عليه زيادة التعاون والتكاتف في المجتمع هو مسألة الوفاء بالعهود والمواثيق، فلو أنّ هذه المسألة قد تركت ليوم واحد بين الأفراد وبين الشعوب العالميّة فإنّ مفاصل الحضارة البشرية سوف تتعرّض للأهتزاز والارتباك وتتوقف بذلك مسيرة الحضارة الإنسانية والتكامل البشري، ولهذا ورد في الحديث الشريف عن الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام أنّه قال: «لا تَعتَمِد عَلى‌ مَودَّة مَنْ لا يَفِي بِعَهدِهِ» [1].

وأساساً يمكن القول بأنّ ميزان موفقيّة الأشخاص في حياتهم الدنيوية يرتبط بمدى التزامهم بعهودهم، فما كان منهم أكثر وفاءً بعهده فهو أعزّ وأشرف في نظر الناس، وفي ذلك يقول أميرالمؤمنين عليه السلام في حديث آخر: «الوَفاءُ حِصْنُ السُّؤدَدِ» [2].

وفي النقطة المقابلة نجد أنّ نقض العهد إذا ساد في أجواء المجتمع البشري، فإنّه يفضي‌


[1]. غرر الحكم.

[2]. المصدر السابق.

نام کتاب : الاخلاق فى القرآن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 3  صفحه : 224
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست