responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاخلاق فى القرآن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 68

4- الدّعامة الإلهيّة

من المعلوم أنّ ما ذكر من الدّعامات والأسس، لا يخلو من واقعيّةٍ على مستوى دفع الإنسان نحو الفضائل الأخلاقيّة، ولكن وكما أشرنا إليه سابقاً أنّها لا تخلو ولا تسلم من الخطأ والإنحراف، مثل دعامة الإنتفاع والإستغلال التي تأخذ طريقها في أيّ وقت وزمان، فتارةً تسير مع الأخلاق واخرى‌ تُعارضها.

والبعض الآخر من الدّعامات له قدرةٌ محدودةٌ في تحريك الإنسان، و مشوبةٌ بالنّقص والقصور ولربّما أخطأت واشتبهت.

و الدّافع الوحيد الخالي عن الخطأ و الإشتباه، والعاري من كلّ نقص في دائرة المسائل الأخلاقيّة، هو الدّافع الإلهي الذي يكون مصدره اللَّه تعالى‌، و الوحي، في إطار التّعاليم الدينيّة.

وهنا لا تعتبر الفضائل الأخلاقيّة وسيلةً للإنتفاع و الإستغلال، و لا هي وسيلةٌ للرفاه الإجتماعي، (وإن كانت الأخلاق قطعاً، وسيلةً للرّفاه والعمران والهدوء، وتؤمّن المنافع الماديّة أيضاً).

فالأصالة هنا للدوافع الروحيّة و المعنويّة، أو بعبارةٍ اخرى‌، أنّ الذّات الإلهيّة المنزّهة، و الّتي هي الكمال المطلق، و مُطلق الكمال، وجميع صفاته الجماليّة و الجلاليّة، تكون هي المحور الأصلي للمسألة، و كلّ إنسان يسعى‌ في المُضي قُدماً، للوصول إلى‌ الكمال المطلق، و يتحرّك في حياته المعنوية، من موقع تفعيل نور أسماء الصّفات الإلهيّة في نفسه، ليشبهه ويتقرب إليه أكثر و أكثر يوماً، بعد يوم (وإن كانت ذاته المقدّسة منزهّةً عن الشبيه الحقيقي)، ويصل إلى‌ الكمال المطلق، فلا حدّ للكمال هناك، و بذلك يعيش بكلّ وجوده، حالة الإستغراق من الحبّ للَّه تعالى، و الكمال المطلق، و تُنير وجوده و باطنه، أنوارُ و صفاتُ الذّات المقدّسة، بحيث يطلب الكمال والرّقي، في الدّرجات العليا في كلّ لحظةٍ، فلا يتقيّد بالمنافع الماديّة، ولا يطلب الأخلاق للشخصيّة والإحترام، ولا يكون هدفه الضّمير وحده، بل لديه هدفٌ أسمى‌ وأعلى‌ من كلّ تلك الامور.

فلا يأخذ معلوماته من العقل والوجدان فقط، بل يستعين بالوَحي أيضاً، ليميّز في ظلّه القيم‌

نام کتاب : الاخلاق فى القرآن نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 68
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست